[خطأ في دعاء شائع!]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 05 - 2009, 12:29 ص]ـ
[خطأ في دعاء شائع!]
من الأخطاء الشَّائعة على ألسنة كثير من الناس، أن أحدهم تراه عندما يدعو لمحبٍّ له، سواء كان ميتاً أم حيّاً، يقول: رحمه الله وأسكنه في مستقرّ رحمته .. أو جمعني اللهُ وإياكَ في مستقرّ رحمته .. وهذا خطأ .. لا يجوز؛ لأن رحمة الله صفة من صفاته سبحانه وتعالى .. وصفاته تعالى لا يجوز أن تكون مستقراً للأشياء والحوادث.
كما في الأثر الصحيح عن أبي الحارث الكرماني، قال: سمعتُ رجلاً قال لأبي رجاء العُطارِدي ـ وهو صحابي ـ: أقرأُ عليك السلام، وأسأل الله أن يجمع بيني وبينك في مستقرِّ رحمته!
قال: وهل يستطيع أحد ذلك؟ قال: فما مستقرّ رحمته؟ قال: الجنَّة، قال: لم تُصِبْ، قال: فما مستقر رحمته؟ قال: ربُّ العالمين. [صحيح الأدب المفرد:591].
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[09 - 05 - 2009, 01:51 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذنا أبا فادي
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الماتع بدائع الفوائد
"اعلم أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان
أحدهما مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله، والثاني مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها فمن الأول قوله في الحديث الصحيح احتجت الجنة والنار فذكر الحديث وفيه فقال للجنة إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء // رواه مسلم وأحمد // فهذه رحمة مخلوقة مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى الخالق تعالى وسماها رحمة لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة وخص بها أهل الرحمة وإنما يدخلها الرحماء
ومنه قوله خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض // رواه مسلم والحاكم وروى البخاري نحوه // ومنه قوله تعالى ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة هود 9 ومنه تسميته تعالى للمطر رحمة بقوله وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته الأعراف 57
وعلى هذا فلا يمتنع الدعاء المشهور بين الناس قديما وحديثا وهو قول الداعي اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك وذكره البخاري في كتاب الأدب المفرد له عن بعض السلف وحكى فيه الكراهة قال إن مستقر رحمته ذاته وهذا بناء على أن الرحمة صفة وليس مراد الداعي ذلك بل مراده الرحمة المخلوقة التي هي الجنة
ولكن الذين كرهوا ذلك لهم نظر دقيق جدا وهو أنه إذا كان المراد بالرحمة الجنة نفسها لم يحسن إضافة المستقر إليها ولهذا لا يحسن أن يقال اجمعنا في مستقر جنتك فإن الجنة نفسها هي دار القرار وهي المستقر نفسه كما قال حسنت مستقرا ومقاما فكيف يضاف المستقر إليها والمستقر هو المكان الذي يستقر فيه الشيء ولا يصح أن يطلب الداعي الجمع في المكان الذي تستقر فيه الجنة فتأمله ولهذا قال مستقر رحمته ذاته والصواب أن هذا لا يمتنع حتى ولو قال صريحا اجمعنا في مستقر جنتك لم يمتنع وذلك أن المستقر أعم من أن يكون رحمة أو عذابا فإذا أضيف إلى أحد أنواعه أضيف إلى ما يبينه ويميزه من غيره كأنه قيل في المستقر الذي هو رحمتك لا في المستقر الآخر
ونظير هذا أن يقال اجلس في مستقر المسجد أي المستقر الذي هو المسجد والإضافة في مثل ذلك غير ممتنعة ولا مستكرهة وأيضا فإن الجنة وإن سميت رحمة لم يمتنع أن يسمى ما فيها من أنواع النعيم رحمة ولا ريب أن مستقر ذلك النعيم هو الجنة فالداعي يطلب أن يجمعه الله ومن يحب في المكان الذي تستقر فيه تلك الرحمة المخلوقة في الجنة وهذا ظاهر جدا فلا يمتنع الدعاء بوجه والله أعلم ...
ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 05 - 2009, 11:02 ص]ـ
جزاكما الله خيرا أيها الكريمان على تلك الفائدة الجليلة المشفوعة بالنقل.
وكثيرا ما يكون الحق في التفصيل، فبه يجمع بين الأقوال التي ظاهرها التعارض، كمسألة الاستثناء في الإيمان فمن جوز فله وجه ومن منع فله وجه، تماما كالمسألة التي تفضلتما بالتنويه عنها، ولأهل العلم مقالة شهيرة: الإعمال أولى من الإهمال. اهـ
والاستفصال عن مراد المتكلم قبل الحكم على مقالته بقبول أو رد يزيل كثيرا من الإشكال.
والله أعلى وأعلم.
ـ[خالد عبد الكريم]ــــــــ[09 - 05 - 2009, 10:47 م]ـ
جزاكما الله كل خير
ـ[زورق شارد]ــــــــ[11 - 05 - 2009, 12:46 ص]ـ
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل ..
حفظكما الله من كل سوء ...