تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رفقا بالتائبين]

ـ[ضاد]ــــــــ[02 - 04 - 2009, 04:44 م]ـ

استوصوا بالتائبين خيراً (نصائح وتوجيهات)

ثم دعونا الآن ندخل في صلب الموضع، وهو: استوصوا بالتائبين خيراً. أيها الإخوة: نحن الآن في وقت تشهد فيه ديار ومجتمعات المسلمين -ولله الحمد- صحوة إسلامية، وهذه الصحوة -كما ذكرنا- صحوة مباركة عاد فيها كثير من الناس إلى الله عز وجل، وهناك أفواج كثيرة الآن تأتي إلى طريق الهداية، وإلى المساجد وحلق الذكر، هناك أناس كثيرون بدءوا يسألون عن المخرج ويريدون معرفة الطريق الصحيح، ودب في قلوبهم الندم على الماضي الأسود الذي خلفوه، هناك أناس كثيرون شعروا بالإفلاس التام بعد تلك المعاصي الكثيرة التي عملوها، وشعروا أنهم أهدروا سنوات طويلة من أعمارهم في لا شيء، بل في معصية الله. هؤلاء القادمون إلى الطريق المفروض أن يستلمهم، ويأخذ بأيديهم، ويرشدهم ويعلمهم .. الدعاة إلى الله عز وجل، فهم الذين تقع على عواتقهم أهمية إرشاد هؤلاء التائبين إلى الطريق، واستقبال هذه الأفواج واحتواؤها في ضمن المجتمعات الإسلامية المصغرة؛ كلٌ بحسب طاقته وقدرته، حتى يقوى عود هذا التائب ويصلب، ولا ينكص ويعود، وكثيرٌ من الذين انتكسوا كان من أسباب انتكاسهم المواقف الخاطئة لبعض الدعاة، ولذلك يتحمل هؤلاء الذين لا يحسنون استقبال التائبين جزءاً من المسئولية عند الله في انتكاس هؤلاء المنتكسين.

نظرة المسلمين الصالحين إلى أخيهم المسلم المذنب

ولذلك فإننا نقول الآن: ما هو موقع المذنب في المجتمع الإسلامي؟ كيف يجب أن تكون نظرة المسلمين الصالحين في المجتمع الإسلامي إلى أخيهم المسلم المذنب؟ بعض الناس يقول: ينبغي أن تكون نظرة قاتمة؛ وعنده أن هذا الشخص الذي أذنب ينبغي أن نهجره ونقاطعه ولا نكلمه ولا نزوره ولا نسلم عليه؛ لأنه وقع في ذنب، وهذا الموقف في هذا الزمن بالذات في غاية الخطأ والخطورة؛ وإذا قاطعته وهجرته فهذا الهجر غير شرعي، فإن هناك آلافاً من شياطين الإنس مستعدون لإيوائه واحتوائه وجذبه إليهم. كعب بن مالك رضي الله عنه، لما أخطأ وترك الخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم للجهاد في مجتمع إسلامي الهجر فيه مفيد، قاطعه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر الصحابة بمقاطعته، ولكن ماذا فعل ملك غسان الكافر وأصحابه؟ لقد اصطادوا الخبر فوراً وأرادوا انتهازه، فكتب ملك غسان إلى فرد مسلم في المدينة رسالة، فجاء بها نبطي من أنباط الشام فدخل المدينة، وأخذ يسأل في السوق عن كعب بن مالك، فطفق الناس يشيرون إليه، يقول كعب: فأتاني فدفع إليّ رسالة من ملك غسان، يقول فيها: قد سمعنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. هذا موقف خطير جداً، ملك الكفار مهتم بموضوع شخص في المجتمع الإسلامي؛ لأن كيد أهل الباطل لأهل الإسلام لا يتوقف، ولذلك فهم يحاولون الاصطياد في الماء العكر دائماً، وأي واحد يأنسوا فيه ضعفاً من الدعاة والصالحين حاولوا فوراً التقاطه وجذبه إليهم. كعب بن مالك صحابي جليل فقيه، يعلم تماماً بمؤامرات أعداء الإسلام، ويعلم أن هذه محنة وابتلاء فصمد، قال كعب: فقلت في نفسي: وهذا أيضاً من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرتها. لكن قل لي: كم من المسلمين من لو وقع في ذنب، وصار عنده ضعف سيكون موقفه لو عرض عليه بعض أهل الباطل مثلما عرض على كعب؟ كم منهم سيكون موقفه مثل موقف كعب بن مالك رضي الله عنه؟ فاستوصوا بالتائبين خيراً، أول ما يقع الإنسان في الذنب فمن الخطأ الكبير أن نهجره مباشرة، فنقاطعه ولا نكلمه، ولا نسلم عليه ولا نزوره، ولا نعوده ولا نساعده في شيء، هذا خطأ كبير، إلا إذا كان الهجر نافعاً له -كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله- وسيعيده إلى صوابه فعند ذلك نهجره، أما إذا كان هجره سيتسبب في إمعانه في الضلال وزيادته في الانتكاس، فإن من الجرم هجره والحالة هذه.

حسن استقبال المذنب في المجتمع الإسلامي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير