[عن الغاية في دين الإسلام]
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 03 - 2009, 09:43 م]ـ
يمتاز الإسلام عن بقية الملل بكونه ذا رؤية فكرية محددة، فعلته الغائية لا تجريد فيها ولا سفسطة كسفسطة المثاليات الأفلاطونية الجوفاء التي سرت إلى ملة النصارى ذات الطابع التجريدي ذي النظرة الخيالية التي لا تصلح لحفظ الدين وسياسة الدنيا به، فقد انزوت النصرانية في الصوامع كرد فعل للهجمة المادية الإلحادية التي شنتها المجتمعات الأوروبية القديمة على الأديان، فصار الدين: سلوكا فرديا، لا تأثير له في الحياة العامة، فهو رسوم جامدة لا حياة فيها، وإن أحسنا الظن بدين أوروبا، فهو جرعة مسكنة للضمير الإنساني، من باب: ساعة لربك وساعة لقلبك التي تسود العالم الإسلامي في العصور المتأخرة، كنتيجة طبيعية للمناهج الأرضية المستوردة التي استبدلت بوحي السماء، استبدال بني إسرائيل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
وذلك فارق جوهري بين وحي السماء وأفكار متشرعي البشر ذوي الرؤية المحدودة والأفق الضيق الذي لا ينظر إلا إلى المصلحة الآنية، ولذلك يفتقر إلى التعديل المستمر من لدن سن القانون إلى تغييره بعد انتهاء مدة صلاحيته، فالمصلحة الآنية واللذة العاجلة متفاوتة بتفاوت العقول، فلكل عقل يستحسن ويستقبح، ولكل هوى يحب ويكره، فالعقول والقلوب في حيرة لتعدد مصادر التلقي، فالإلهيات والأحكام والسياسات من عقل فلان وفلان، والأخلاق والسلوكيات من وجدان فلان وفلان، فلا نص في محل النزاع، يقول ابن تيمية، رحمه الله، في معرض بيان مكانة الكتاب المنزل:
"الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء، وإذا ردوا إلى عقولهم فلكل واحد منهم عقل".
فهو الحكم بين المتنازعين، وإنما الشأن في صحة نقله لا في صحة حكمه، فإن العقلاء مجمعون على تنزيه الباري، عز وجل، عن الجهل والسفه، والحكم لا يكون إلا عليما بمحل النزاع حكيما في فصله، فمن أعلم من الرب الخالق المقدر البارئ المصور، الذي أحاط علمه بالكليات والجزئيات، ومن أحكم ممن أبدع الأض والسماوات، فهي ناطقة بتسبيحه شاهدة على توحيده، والكتب الإلهية بين ظهراني أهل الملل، وللعاقل أن ينظر في روايتها نقلا، ودرايتها عقلا، ليعلم أيها أحق بالقضاء والتشريع.
فالشأن في إثبات جنس الألوهية ابتداء، وهو أمر لا يحتاج إلى إثبات، لولا فساد الفطر بشيوع المناهج الإلحادية، فصار إثبات ما يحسه كل مكلف بفطرته الأولى وعقله قبل أن يفسد بمعالجة الفلسفات الأرضية الجدلية ذات الأقيسة العقلية الفاسدة التي خبطت في الغيبيات خبط عشواء، صار أمرا يحتاج إلى براهين كالبراهين الرياضية!!، فكان ما نراه اليوم من إنكار للضرورات الشرعية، وقبلها الضرورات العقلية بل والفطرية التي يجدها الحيوان الأعجم في نفسه فضلا عن الإنسان العاقل!!.
وأما اليهودية فهي معدن الميكيافيللية المعاصرة: معدن: الغاية تبرر الوسيلة، معدن: الأخلاق النسبية ذات الرؤية النفعية، كحال كثير من الأنظمة الأرضية الحاكمة التي تدين بالولاء لمن يدفع الثمن!!، فاشتراكية تدور في فلك النجم الشيوعي الأحمر، ثم رأسمالية مستعارة من المعسكر الأبيض.
وعن ميكيافيللية الأخلاق الشيوعية يقول "إنجلز":
"إن الأخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدى إلى انتصار مبادئنا مهما كان هذا العمل منافيا للأخلاق المعمول بها".
ويقول لينين:
"يجب على المناضل الشيوعي الحق أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والغش والتضليل. فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية". اهـ
نقلا عن: "العلمانية"، ص236.
ويتحدث "إكنازيو سيلوني" الشيوعي الإيطالي عن أحد اجتماعات الشيوعية الدولية وتحديدا حول نشوب خلاف حول تطبيق قرار أصدرته اللجنة المركزية، وقد ابدى بعض الأعضاء وجه نظر مخالفة تجاه القرار ظهر أنها معقولة فما كان من المندوب الروسي إلا أن قال: "على جميع الفروع أن تعلن أنها تخضع للقرار الذى صدر ثم تتصرف على عكس ذلك تماماً"، (وهي: سمة المنظمات السرية التخريبية، والشيوعية لم تكن سوى مجموعة من الخلايا الانقلابية التي أثارت مكونات المجتمع على بعضها البعض، فاستغلت المظالم التي كانت تعج بها مجتمعاتها لتأليب الطبقات المظلومة على الطبقات الظالمة باسم تحقيق المساواة
¥