تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عمر وساركوزي!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 03 - 2009, 07:52 ص]ـ

في الصيف الماضي: وقعت حادثة صغيرة في كولومبيا، إحدى دول أمريكا الجنوبية، المعروفة بكثرة القلاقل السياسية فضلا عن ارتفاع معدلات الجريمة وسيطرة بارونات المخدرات على مقاليد الأمور فيها، فلهم تنظيمات أشبه ما تكون بالدويلات المستقلة داخل الدولة الأم.

تلك الحادثة هي خطف إحدى المواطنات الفرنسيات من قبل منظمة يسارية معارضة، تبنت العمل المسلح ضد الحكومة المركزية هي منظمة: "فارك": اليسارية، وهي في نفس الوقت تحمل الجنسية الكولومبية، وقد رشحت نفسها لرئاسة كولومبيا، واللافت في تلك الحادثة، لا سيما بالنسبة لمواطني دول العالم الثالث، ومعظمها من دول العالم الإسلامي!، اللافت هو مقدار ما حظيت به مواطنة فرنسية، لا ثقل لها داخل الدولة الفرنسية، إلا ثقل المواطنة، كأي مواطن فرنسي يسير في شوارع باريس، بل لقائل أن يقول: إن مواطنتها منتقصة بقدر تلبسها بمواطنة دولة أخرى تغاير الدولة الفرنسية في لغتها وثقافتها، واعتزاز الفرنسيين بفرنسيتهم، معروف، ومع ذلك حظيت تلك المواطنة، باهتمام كبار ساسة الجمهورية الفرنسية، فأوفد ساركوزي وزير خارجيته: برنار كوشنير، مروج الدعاية الصهيونية المعروف وحامل لواء نشر الشائعات الكاذبة عن بؤر الاضطراب في العالم الإسلامي لا سيما: "دارفور"، للتفاوض مع الخاطفين، وبالفعل تم تحرير الرهينة، وعادت مع الوزير الذي أوفد خصيصا من أجلها، وكان ساركوزي، رأس الجمهورية الفرنسية، بنفسه على رأس مستقبليها، ولو كان غيره، لفعل فعله، فالمسألة تتعلق بالتزام الجمهورية الفرنسية تجاه مواطنيها، فهو يستقبلها في المطار بوصفه: رئيس الجمهورية، لا بوصفه: ساركوزي.

مشهد يثير الإعجاب والأسى، في نفس الوقت، مشهد: "معتصمي" الطابع إن صح التعبير، يثير الأسى في نفس المسلم المعاصر إذا قارن حاله الآن بحال تلك المواطنة، فليس له في وطنه كبير شأن، لا سيما في الدول الفقيرة ذات الطابع البوليسي، فضلا عن بقية دول العالم، ولعل حال الشباب المسلم في دولة: "أمنية"! كمصر، خير شاهد على ذلك، فلا يسلم من سطوة الدولة المركزية أي مواطن بغض النظر عن اتجاهه الفكري، فقوانين الطوارئ ومكافحة الشغب ......... إلخ، تمنح السلطة التنفيذية المركزية الممثلة في جهاز الشرطة في مصر، وهو بلا جدال أحد رموز: "السفالة وقلة الأدب" في بلدنا، تمنحه من الصلاحيات ما يضمن استقرار الأحوال، ولو تحت تهديد السلاح!، ورب ضارة نافعة، إذ ليست الفوضى في بلد كمصر، أو أي بلد، بمحمودة العواقب، وليس ذلك تكريسا لسياسة الظلم، ولكنه واقع لا مفر من التعامل معه بما يحقق المصلحة الشرعية المعتبرة، فلا يرد الظلم بظلم، ولا تدفع المفسدة، وإن كانت عظيمة، بمفسدة أعظم، إذ الفتن عمياء تستباح فيها كل الحرمات، لا سيما إذا كان الخصم لا يتورع عن انتهاكها بحجة: الحفاظ على أمن الوطن!. ولدينا في مصر جيش من جنود الأمن المركزي كفيل بالقضاء على أي حركة تمرد!، يعرف ذلك كل مصري مسالم أو غير مسالم!.

وما حظيت به تلك المواطنة الفرنسية: إنجاز تفخر به العلمانية المعاصرة، وتتبجح به أمام المسلمين في مقارنة جائرة بين واقع المسلمين اليوم، وهو لا يمثل الإسلام الصحيح بداهة، وواقعها، فهي التي تحترم حقوق مواطنيها، ولكن نظرة سريعة إلى تاريخ الأمتين: أمة الشرق المسلم، وأمة الغرب النصراني، تكشف عن جذور تلك الحسنات المعدودة للديمقراطية، فإن المواطن الأوروبي، في العصور الأوروبية المظلمة، كان جزءا من الملكية الخاصة إن صح التعبير، ففي ظل نظام الإقطاع استرقت شعوب أوروبا من باروناتها بل وقساوستها، والمفترض فيهم: التدين بدين المحبة الذي يعظم قدر الإنسانية لدرجة المثالية!، وعلى الشاطئ الآخر كان الشرق المسلم يعيش أزهى عصوره في ظل الإسلام الحقيقي: إسلام العقائد والشرائع، إسلام العلم والعمل، إسلام الحياة بشقيها: العبادات والمعاملات، فكان المسلم يضرب في الأرض بحرية تامة، يطلب العلم هنا وهناك، ولعل رحلات المحدثين وهي مما نفاخر به أمم الأرض، لعلها خير شاهد على ذلك، وكان غيرهم يضرب طلبا للرزق، وفتحا للأمصار ........... إلخ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير