تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كتبت عن سفري الأخير بالأردية، ولكن السفر قبله كتبته بالعربية، وستجدون الملف هاهنا، وأرجو منكم بعد قرائته أن توجهوني وتشيروا إلى أخطائي .. جزيل الشكر والتقدير لكم ...

من هنا ( http://www.rasikh.ws/vb/showthread.php?t=16&highlight=%D8%B3%D9%81%D8%B1%D9%8A)

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[29 - 03 - 2009, 07:44 م]ـ

رحلة إلى انطاليا في تركيا

حدثت هذه القصة عندما كنت صغيرة

كانت رحلتنا في فصل الشتاء إلى تركيا وإلى مدينة انطاليا السياحية بالذات وبما أن الرحلة للسياحة فقد ذهبنا بالسيارة، وبعد وصولنا إلى أضنة توقفنا عند إحدى محطات الوقود لنملأ الخزان ونصحنا أحد العمال هناك أن نذهب عبر الجبال فالمناظر الطبيعية هناك ساحرة وستكون رحلة تاريخية بين الجبال والبحر، وقال: قد يطول الطريق قليلاً عن المعتاد ولكنكم لن تنسوه وستمرون في طريقكم ببضع قرى ريفية جميلة جداً، وتجولنا قليلاً في أضنة ففيها الكثير من الأتراك من أصول سورية ويتكلمون اللغة العربية الساحلية وجميعهم مسلمون، وكان والدي قد قدر المسافة إلى أنطاليا بحوالي 550 كم تقريباً يعني من الممكن أن نصل بعد حوالي خمس ساعات أو أكثر قليلاً كما توقع إذ ذاك فسنصل عند الغروب ولن نفوت منظر الشمس وهي تنام في حضن البحر عند الأصيل، واتكلنا على رب العباد وأكملنا طريقنا، وكان المطر قد بدأ بالهطول برذاذ خفيف فاضطرر والدي للتخفيف من السرعة قليلاً كيلا تنزلق السيارة، وكان الطريق يتدرج بالارتفاع بطرق ضيقة شديدة التعرج، ولم نجد الكثير من السيارات تمر جانبنا لعدة أسباب منها أن الوقت ليس موسماً للسياحة، كما أن أكثرهم يتبع الطريق العريض السريع، فكأننا ملوك الطريق نمشي دون أن نرى إلا الطبيعة الساحرة بين الجبال الشاهقة إلى اليمين والوادي السحيق الذي يرتمي البحر على سفحه ويمتد إلى البعيد البعيد، فسبحان من أبدع وصور، وكلما ارتفعنا أكثر ازدادت الأمطار هطولاً وخفت سرعة أبي اكثر خوف الانزلاق وأخذ الطريق يضيق أكثر فأكثر ويزداد تعرجاً ومرت ساعتان ولم نقطع بعد ربع الطريق واقترحت والدتي أن نعود إلى أضنة لنتخذ الطريق الأسلم والأعرض حتى لو تأخرنا قليلاً، ولكن أبي رفض وقال لن نضيع علينا المناظر الرائعة بل سنبيت في أقرب قرية نمر بها وننطلق صباحاً فقد يتحسن الطقس قليلاً، سكتت أمي على مضض وأخذت تتلو ما تحفظه من آي القرآن الكريم ليحفظ الله العائلة، وغلبنا النعاس أنا وإخوتي في الخلف فاستسلمنا لنوم عميق لم نستيقظ منه إلا على صوت أمي وهي تتلو سورة يس عند قوله تعالى: "سلام قولاً من رب رحيم" وتكررها، فنظرنا أمامنا وإذا بالثلوج تهطل بكثرة والطريق يزداد ضيقاً وقد حجبت الشمس باكراً دون أن نستمتع بمنظرغروبها في البحر بسبب الغيوم المتكاثفة ومازال الطريق يتدرج بالارتفاع ووالدي يقود محاولاً ألا يسرع ولا يبطئ فلو أبطأنا لتكاثفت علينا الثلوج التي ازدادت سرعة سقوطها منذرة بقدوم عاصفة ثلجية ستسد طريقنا لو توقفنا، ولايمكن لنا أن نسرع طبعاً في هذه الطريق الملتوية الضيقة التي بالكاد تصل إلى ثلاثة أوأربعة أمتار وقد تعالت الجبال إلى اليمين ونتأت أجزاء منها فوق الطريق في بعض المواضع مما يضطر السائق للابتعاد قليلاً عنها فتضيق الطريق أكثر ولم نعد نرى جمال البحر ولا الشمس فقد حل الظلام تماماً وعلى أنوار السيارة لانرى إلا الثلج الأبيض المتهاطل بشدة ووجه، أبي المشدود وهو يقود وأمي التي اصفر وجهها وهي تتمتم بآيات لم تعد تدري ماهي، وقد تسمرنا في أماكننا لأول مرة دون أن نتشاجر فيما بيننا أنا وإخوتي وقد جحظت عيوننا نحو الأمام، وفجأة برز كلب من قلب الجبل يركض مع السيارة ويعوي معها والتصقنا ببعضنا ذعراً دون أن ننبس ببنت شفة، فلن نتدلل على أبينا ونريه ذعرنا من أجل كلب يعوي خارجاً بينما هو يصارع الثلوج بين الجبل والوادي، وفعلاً مل الكلب بعد فترة وتركنا، واستمر الطريق بنا حتى فوجئنا بنور باهت يضيء المنعطف، وعرف والدي أنها سيارة قادمة باتجاهنا ولابد أنها تعاني كما نعاني بل وربما أكثر فهي في تنزل في طريق منحدر ضيق، وقد لاتتجاوب المكابح مع السائق تماماً، وبسرعة اتجه يميناً ليمشي بمحاذاة الجبل كي يتسع الطريق لكلا السيارتين ومر السائق بصعوبة فلو ابتعد قليلاً إلى اليمين لوقع في الوادي ولكن الله تلطف به وبنا ومر بسلام، ومن بعيد لمحنا أضواء أول قرية أمامنا ولاتسل عن فرحتنا إذ ذاك، وما إن دخلناها وشعرنا بالأمان حتى نزل والدي من السيارة والعاصفة الثلجية قد اشتدت ليسجد لله سجود الشكر لله تعالى الذي أنقذنا من الموت المحتم، وبتنا ليلتها هناك في أحد الفنادق، وفي الصباح توقف الثلج وسطعت الشمس وتابعنا إلى أنطاليا الرائعة بسلام وقضينا هناك أياماً رائعة والحمد لله.

كلما تذكرت هذه الحادثة أشعر برعب للتفاصيل، وأشكر الله الذي من علينا بالنجاة، ثم أتذكر كم قضينا أياماً جميلة هناك فأتمنى لو أعود إليها ولكن في فصل الربيع أو الصيف.

شكراً لك تيما ذكرتني بتلك الرحلة الرائعة المخيفة بنفس الوقت والتي لن أنساها ماحييت.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير