تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لإخوانهم الفقراء بالتلهي عنهم وتركهم فريسة سهلة لتلك الحملات المدعومة ماديا.

بينما الحال عندنا في مصر يختلف لقوة نفوذ الطائفة النصرانية، فهي أمر واقع لا ظرف حادث كما هو الحال في المغرب ذات النسيج الديني والمذهبي الواحد تقريبا، وتلك نعمة لا يدركها إلا من عاش في مجتمعات المسلمين التي تضم أقليات دينية أو مذهبية لا تتوقف غالبا عن الكيد للإسلام والسنة مع أنها تحظى بمعاملة متميزة فيها نوع من المبالغة في الإكرام مما يفتح شهية أي طامع إلى مزيد من المزايا.

الشاهد أن: القيادة السياسية عمدنا في مصر، كعادتها، سياسية إلى أبعد حد!، فهي تجتهد في حرب التمدد المذهبي الفارسي اجتهادا ملحوظا وتفرد مساحة عريضة للدعاة على اختلاف توجهاتهم لرد هذا الخطر الداهم الذي حمله كثير من اللاجئين العراقيون إلى مدينة 6 أكتوبر!، فكثير منهم ينتحل هذه البدعة، وهم كعادة أي مبتدع لا يألو مذهبه نصرة وإن أثار الفتن والقلاقل في المجتمع الذي يعيش فيه، فلا ينقصنا ظهور طائفة ثالثة تقتسم سكان مصر مع المسلمين السنة والأقلية النصرانية التي تسبب صداعا مستمرا وتهديدا ظاهرا لا مجاملة فيه بعد سقوط الأقنعة الوطنية وبروز الحقائق الدينية، معقد الولاء والبراء الحقيقي، سواء أكانت حقا أم باطلا.

وفي المقابل لا تستطيع التعامل بحزم مع الكنيسة الحالية، فتغض الطرف عن تجاوزاتها التي تهدد السلم الاجتماعي في مصر، وتلجأ كعادتها إلى سياسة المسكنات وأغلبها أمني، ودبلوماسي بارد بالتأكيد على ثوابت الوحدة الوطنية المزعومة، فهي، باختصار، تقاوم تيارا، وتهادن آخر، من وجهة نظر سياسية بحتة، فلا يعنيها دين المواطنين بقدر ما تعنيها مصلحتها السياسية ولو كانت آنية لا مستقبل لها، وإنما محض مسكنات، كما تقدم، فسياسة المسكنات هي السياسة المعتمدة لحل كل مشاكل المجتمع المصري.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن: هل تكفي المواجهة الأمنية والسياسية في مواجهة تيار ديني متحمس بل متعصب يسعى لنشر باطله بشتى الوسائل، ويرصد لذلك ميزانيات ضخمة، مع أن باطله أظهر من أن يشار إليه، ولكن هل ينصر الله، عز وجل، أهل الحق، إن تخلوا عن سلاحهم الماضي، فقلبوا المعركة إلى معركة: مصالح وتوازنات، بينما هي عند خصمهم: عقيدة ومبدأ؟!. التاريخ يشهد لأصحاب العقائد والمبادئ، ولو كانت باطلة، وقد حاربنا يهود من 48 وإلى الآن بالشعارات القومية والوطنية فلم نجن، في الجملة، إلا ثمار الهزيمة فرعا عن خيانة الزعامات القومية الوهمية التي غلت فيها الشعوب فاستحقت الهزيمة سنة ربانية ماضية لما قعدت عن الأخذ بأسباب النصر الشرعية والكونية. وفي المقابل كانت المسألة بالنسبة ليهود مع بطلان مقالتهم: مسألة عقيدة ومبدأ، فأخذوا بأسباب التمكين الدنيوية فظهروا على المسلمين، وإن كانوا على باطل، ولكنهم أخلصوا في نصرته، بينما قعد أصحاب الحق عن نصرة الحق الذي بين أيديهم، والسنن الكونية لا تجامل أحدا، فهي نواميس أقام الباري، عز وجل، عليها كونه.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير