تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تسلية أهل المصائب [10]]

ـ[أبوأيوب]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 12:35 ص]ـ

" تسلية أهل المصائب ببيان حكم الصبر على المصيبة "

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "،

وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين "،

وقال تعالى: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ".

والآيات التي فيها الأمر بالصبر كثيرة جداً.

قال الإمام أحمد: ذكر الله سبحانه وتعالى الصبر في القرآن في تسعين موضعاً.

واعلم أن حقيقة الصبر، هي: خلق فاضل من أخلاق النَّفْس، يَمْنَع من فعل مالا يَحْسُن ولا يَجْمُل، وهو قوة من قُوَى النفس التي بها صلاحُ شأنِها، و قوام أمرها.

قال سعيد بن جبير: الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه، واحتسابه عند الله، ورجاء ثوابه، وقد يجزع الرجل، وهو متجلد لا يُرَى منه إلا الصبر. وقد تقدم حديث أسامة بن زيد بن حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإرسال بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ ابني قد احْتُضِر فاشهدْ، فأرسل يقرأ السلام، ويقول: إنَّ للهِ ما أَخَذَ وله ما أعطى، وكلُّ شيءٍ عندَه بأَجَلٍ مُسَمَّى، فلْتَصْبِر وتحتسب " الحديث. أمرها بالصبر.

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: " اتقي الله واصبري فقالت: إليك عني، فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي ـ ولم تعرفْه ـ فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه و سلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بَوَّابِينَ، فقالت: لم أعرفْك، فقال: " إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى ". رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية: " تبكي على صَبِيٍّ لها ". فقال: " إنما الصبر عند أول صدمة ".

فإن مُفَاجَأة المصيبة بغتة، لها رَوْعةٌ تُزَعْزِع القلبَ، وتُزْعِجُه بصَدْمَتها، فإن صبرَ للصدمة الأولى انكسرت حِدَّتُها، وضَعُفَت قُوَّتُها، فَهَانَ عليه استدامَةُ الصبر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصبر على المصائب واجب باتفاق أئمة الدين، وإنما اختلفوا في وجوب الرضا.

ومع أن الصبر واجب، فإن من صبر عند موت أولاده، أو أقاربه، أو أصحابه، وصبر أيضاً عند مصيبته بنفسه، وعلم يقيناً أن الآجال لا تقديم فيها ولا تأخير، وأن الله تعالى كتب الآجال في بطون الأمهات، كما ثبت في الصحاح: كتب رزقه وأجله، وشقي هو أم سعيد، فلا زيادة ولا نقص، فإذا صبر واحتسب لم يكن له ثواب دون الجنة، وإذا جزع، ولم يصبر أثم، وأتعب نفسه، ولم يَرُدَّ من قضاء الله شيئاً.

ولقد ضمن الله العزيز الرحيم في محكم كتابه للصابرين، أنهم يوفون أجرهم بغير حساب،

فقال الله تعالى: " إنما يُوَفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب " فمن مثلُهم!!

وأخبر أنه معهم بهدايته ونصره العزيز وفتحه المبين،

فقال تعالى: " إن الله مع الصابرين "، فذهب الصابرون بهذه المعية التي هي خير الدنيا والآخرة.

وأخبر تعالى أن الصبر خير لأهله خبراً مؤكداً، فقال تعالى: " و لئن صبرتم لهو خير للصابرين ".

والحمد لله رب العالمين، ونسأل الله لنا ولكم العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة.

والسلام.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير