[مفاتيح النجاح الرمضاني]
ـ[عادل بن أحمد باناعمة]ــــــــ[30 - 07 - 2009, 01:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنتُ ومازلت أقول: إنني أتهيب الحديث في الموضوعات الإيمانية لما أعلمه من نفسي من قصور أخشى معه أن أدخل في دائرة (لم تقولون مالا تفعلون).
ولولا رجاء أن تقدح مثل هذه الإحاديث همةَ نقيٍّ تقيٍّ فيقع لصاحبها من الأجر ما يقع له لما كان لي أن أخوض فيها.
هذه خطبة كنتُ ألقيتها في مطالع شهر رمضان من العام الماضي، وفيها معانٍ جيادٌ أحسبها نافعةً جداً لمن أراد أن يكون شعاره هذا العام: (رمضان غير)!!
ولعل من يرى فيها من الإخوة شيئا حسناً أن يكون سبباً لنشرها عبر المجموعات البريدية أو المنتديات فصاحبكم قد لا ينشط كثيراً لمثل هذا على جليل فضله وعظيم نفعه.
إليكم رابط الخطبة الصوتي:
http://www.4shared.com/file/121508676/101a4e86/___online.html
وإليكم نصّها:
[مفاتيح النجاح الرمضاني]
خطبة جمعة بمسجد محمد الفاتح
أعدها
أبو البراء عادل باناعمة
5/ 9/1429هـ
قبل نحو شهرين أو ثلاثة كانت قلوب الملايين معلقةً بنتائج الامتحاناتِ، الكل يرجو النجاح ويخشى الرسوب.
كنت ترى علائم القلق وهي ترتسم على الوجوهِ، وسيماء الترقّب وهي تخطُّ على الجباه قصصاً شتّى، وحكاياتٍ متباينةً.
وحين جفّتِ الأقلامُ بالنتائج، وبانَ كَوْرُ من اجتهدَ واستعدّ، وحَوْرُ من تكاسلَ وما اشتدّ .. حين كان ذلك زغردت بالبشرى حناجر، وغرقتْ في دموع الأسى محاجر!!
تذوّق الناجحون للنجاح طعماً لذيذاً، فرحوا به وفرح به من حولهم، وكَرَعَ الراسبون للفشل شراباً كريهاً يتجرعونه ولا يكادون يسيغونه.
خرج الناجح يحمل في يمناه البشارة، يزهو بها على أقرانِهِ، ويدلّ بها على أهلِهِ وإخوانِهِ، وكل من حوله يرى له حقاً في نشوةٍ غامرةٍ أوجبها نجاحٌ جاءَ بعد تعبٍ ونصبٍ.
وخرج الراسبُ يخفي بيسراه ورقةِ فضائحِهِ، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به! وكل من حوله يراه جديراً بالملامةِ، حقيقاً بالتوبيخ.
الجميع كان يحس بقيمة (النجاح الدراسيّ) ..
والجميع كان يحس بحسرة (الفشل الدراسي) ..
تُرى ...
هل حملنا ذات يوم هذا الإحساس الحاد بالنجاح والفشل ونحنُ نتعامل مع شهر رمضان الكريم؟!!
أعني هل فكرنا ذات يومٍ بمدى أهمية أن (ننجح) في هذا الشهر؟ ومدى كارثة أن (نفشل) فيه؟!
لماذا يكون شعورنا بثنائية النجاح والفشل حاداً جداً في جانب الدراسة، والوظيفة، والتجارة وغيرها من أمور الدنيا .. ويكون باهتاً جداً عندما يتعلق الأمر بالجانب العبادي؟
بعبارة أوضح ...
لماذا نهتم بالنجاح في المشاريع الدنيوية، ولا نبالي بالنجاح في المشاريع الأخروية؟
دعونا نتأمّل قليلاً في قيمةِ (النجاح) في هذا الشهر المبارك شهر رمضان!
روى ابن حِبّان في صحيحه عن طلحة بن عبيد الله، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجلان من بَلِيٍّ، فكان إسلامهما جميعاً واحداً، وكان أحدهما أشد اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد فاستشهد، وعاش الآخر سنة حتى صام رمضان، ثم مات، فرأى طلحة بن عبيد الله – أي في المنام - خارجاً خرج من الجنة، فأذن للذي توفي آخرهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلى طلحة، فقال: ارجع فإنه لم يأن لك، فأصبح طلحة يحدث به الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثوه الحديث، وعجبوا، فقالوا: يا رسول الله كان أشد الرجلين اجتهادا، واستشهد في سبيل الله، ودخل هذا الجنة قبله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أليس قد مكث هذا بعده بسنة؟» قالوا: نعم. قال: «وأدرك رمضان فصامه، وصلى كذا وكذا في المسجد في السنة؟» قالوا: بلى، قال: «فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض».
انظروا الآن وتأملوا ...
(أليس قد مكث هذا بعده بسنة وأدرك رمضان فصامه)!!
لقد كان (نجاحُ) هذا الصحابي الجليل في شهرِ رمضانَ سبباً لأن يسبق إلى الجنةِ من كان أكثر منه اجتهاداً وعبادةً! (نجاحُهُ) في شهرٍ واحدٍ من شهور (رمضان) جعله يسبق هذا السبق البعيد.
فهل يشعر كل واحدٍ منا الآن بقيمة (نجاحه) في شهر رمضان؟
دعونا ننظر إلى الزاوية الأخرى ..
إلى كارثة (الفشل الرمضاني) ...
¥