[تسلية أهل المصائب [11]]
ـ[أبوأيوب]ــــــــ[29 - 07 - 2009, 09:37 ص]ـ
" تسلية أهل المصائب بذكر ما ورد في الصبر على المصيبة "
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد، أما بعد:
قال الله تعالى: " وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ".
وقال تعالى: " و لمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ".
وقال تعالى: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ".
وعن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا أُرِيكَ امرأةً من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أُصْرَعُ، وإني أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ تعالى لي، فقال: " إنْ شِئْتِ صَبْرْتِ ولَكِ الجنة، وإن شئت دعوتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ". فقالت: أَصْبِر، ثم قالت: إنِّي أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فَدَعَا لَها ". رواه البخاري ومسلم.
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطُّهُور شَطْرُ الإيمان، والحمدُ لله تَمْلأُ الميزان، وسُبْحانَ اللهِ والحمد لله تَمْلآنِ ما بينَ السماء والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ بُرْهَانٌ، والصبرُ ضِيَاءٌ، والقرآنُ حُجَّةٌ لكَ أو عليكَ " الحديث. رواه مسلم.
عن أبي سعيد الخُدْرِي ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " ... ، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وما أُعْطِي أحدٌ عَطَاءً خيراً وأَوْسَعَ من الصبر ". رواه البخاري ومسلم.
وعن صُهَيب بن سِنان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عَجَباً لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَه كُلَّهُ له خير، وليسَ ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ!
إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضَرَّاءُ، صَبَرَ فكان خيراً له ". رواه مسلم.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ الله عز وجل، قال: إذا ابتليتُ عبدِي بحبيبتيه، فصبر، عَوَّضْتُهُ منهما الجنة " ـ يريد عينيه ـ رواه البخاري.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ما يُصِيبُ المسلمَ من نَصَبٍ، ولا وَصَبٍ، ولا هَمٍّ، ولا حَزَنٍ، ولا أَذَىً، ولا غَمٍّ، حتى الشوكةُ يُشَاكُها، إلا كَفَّرَ اللهُ بها من خطاياه ". رواه البخاري ومسلم. الهَمُّ: على المستقبل، والحَزَنُ: على الماضي، والنَّصَبُ: التَعَب، والوَصَبُ: المَرَض.
وروي من حديث أبي موسى الأشعري، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " لا يُصِيبُ العبدَ نَكْبَةٌ فما فوقَها أو دُونَها إلا بذَنْبٍ، وما يعفو الله عنه أكثر ". قال: و قرأ " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يُصِبْ منه " رواه البخاري. قوله: (يصب) بفتح الصاد وكسرها.
وروى سعيد بن منصور في سننه: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ نُعِيَ إليه أخوه قُثَمُ، وهو في سَفَرٍ، فاسْتَرْجَعَ، ثم تَنَحَّى عن الطريقِ فأناخَ، ثم صلى ركعتين، فأطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ".
وقال هُشَيمٌ: حدثنا خالد بن صفوان، قال: حدثني زيد بن علي، أن ابن عباس كان في مَسِيرٍ له، فنعي إليه ابنٌ له، فنزل فصلى ركعتين، ثم استرجع، وقال: فَعَلْنَا كما أمرنا الله: " واستعينوا بالصبر والصلاة ".
وقال أبوالفرج بن الجوزي: رُوي عن أم كلثوم ـ وكانت من المهاجرات ـ أنه لما غُشِيَ على زوجها عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ خرجت إلى المسجد تستعينُ بما أُمِرَتْ به من الصبر والصلاة.
وعن ـ ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يُوعَكُ، فقلت يا رسول الله، إنك توعك وَعْكاً شديداً، قال: " أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم ". قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: " أجل. ذلك كذلك، ما من مسلمٍ يُصيبهُ أذَىً، شوكةٌ فما فوقها، إلا كَفَّر الله بها سيّئاتِه، كما تَحُطُّ الشجرةُ وَرَقَها ". رواه البخاري ومسلم. والوَعْكُ: مَغْثُ الحُمَّى، وقيل: الحمى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يَزَالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ، في نفسِه، وولدِه، وماله، حتى يَلْقَى اللهَ تعالى، وما عليه خطيئة ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تُنْصَبُ الموازينُ يوم القيامة، فيُؤْتَى بأهل الصلاة، فيُوَفَّونَ أجورَهم بالموازينِ، ويؤتى بأهل الصيام، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحجّ، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء، فلا يُنْصَبُ لهم ميزانٌ، ولا يُنْشَرٌ لهم دِيوَان، ويُصَبُّ عليهم الأجرُ صَبًّا بغير حساب، ثم قرأ " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا، أن أجسادهم تُقْرَضُ بالمقاريض، مما يذهب به أهل البلاء من الفضل ". رواه ابن منجويه في تفسيره.
غفر الله لكم ولوالديكم جزاء حرصكم على تعلم السنن وآثار السلف. وألبسكم الصحة والعافية والإيمان ما أبقاكم. وصلى الله على نبينا محمد.
¥