الحريّةُ فيكَ وَما تُبصِرُ. .
ـ[لون السماء]ــــــــ[20 - 08 - 2009, 06:27 م]ـ
الحريّةُ فيكَ وَما تُبصِرُ. .وَمنْ هوى نفسكَ تحرّر كي تَشْعر
الحمد والشكر للذي نبدأ بإسمه الرحمن الرحيم ..
وأفضل الصلاة على نبينا محمد وأفضل التسليم ..
يقول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
دواؤك فيك وما تُبصر وداؤك منك وما تشعر
وأنت الكتاب المنير الّذي بآياته يظهر المُضمر
أتحسبُ أنّك جُرمٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
غريب أن نسقم ونبحث عن الدواء هنا وهناك ونجهل وجوده في أنفسنا.!
غريب أن يضمر النور ونحن مصدره .. !
وغاية الغرابة في أن ينطوي فينا العالم الأكبر ونحن لا نعلم.!
منذ أن تفجر تاريخ الإنسانية على وجه الأرض والإنسان هو عامود الحياة وسرها ..
وهو الدافع والمحرك لظروفها ..
وقد خُلق الإنسان حرًا طليقًا .. بفكره .. واستقلاليته الإنسانية
بفطرة سليمة متجردة من القيود ..
تُرى ماذا حصل لنا اليوم؟
من سلب حرياتنا؟
الحرية اليوم نبحث عنها عند الحكّام والرؤساء
والأجدر بنا أن نبحث عنها في انفسنا. ونقدر مدى الحرية التي يتمتع فيها الفكر والعقل ..
إننا اليوم نواجه قوة داخلية تسلب الحرية منا ..
فكيف ذلك؟
سلب الحريات من الذات يكون بفرض القيود التي لا ترتكز الى طبيعة الإنسان ودوره في الحياة الطبيعية ..
فالحرّ هو الذي يتحرر من شرور نفسه ..
إننا لا نتللذ بطعم الحرية ونحن منقادين في طرق شيطانية تدعو الى التحرر من الحرية .. !!
وهذا ما يتناقض مع طبيعة البشر التي خلقها الله فينا وفطرنا عليها ..
إن الحرية تكون في العبودية لله ...
منذ أن خلق الله آدم وهو يصارع من أجل حرية نفسه ..
حين غره الشيطان وسيطر على هوى نفسه حتى قيّد الشيطان حرية آدم وأنزله الله في الأرض
لتكون له مستقرًا يصارع فيها الشيطان من أجل حريته .. وتجرده لله وحده ..
وإلى اليوم ونحن نصارع هوى أنفسنا التي يدفعنا الشيطان لها!
**
عمليًا نحن لا نعمل اليوم بحرية ..
فهناك طاقات وقدرات مكنونة داخلنا فرضت عليها قيود الزمن والإنسان ..
فمنا من ينسى أن يفكر في قدرته على فعل شيء ما .. لأنه اشتغل في أمور ثانوية أخرى ..
فمن النادر أن تجد من يقدر ذاته ويتأملها ويرى ماذا تريد منه ... ؟
إن في ذواتنا حريات مسلوبة ونحن من سلبناها بغض الطرف عنها وتجاهلها.!
ونحن من تخلينا عن جوهر الحياة الروحانية التي أدى الى حدوث فجوة في الوجود الإنساني .. !
وحرية النفس والذات هي منبع الحرية التي نستمدها من طاقات أخرى
عجبًا أن نتعجب بتاريخ صنعوه أجدادنا بعلو همتهم وحرية فكرهم
ونحن اليوم ماذا صنعنا .. ؟؟
لا شيء.!
يقول الشاعر:
قُلْ لِمَنْ لاَ يَرَى اُلمُعَاصِرَ شَيْئًا
وَيَرَى لِلأَوَائِلِ اُلتَّقْدِيمَا
إِنَّ ذَاكَ اُلْقَدِيمَ كَانَ حَدِيثَا
وَسَيَبْقَى هَذَا اُلْحَدِيثُ قَدِيمَا
فأين الحرية الفكرية التي تنطلق بلا قيود ... ولا أسوار تحيطها وتمنع عنها الهواء الذي تستمتد طاقتها منه.!
فقد عاش من هم قبلنا عصرهم بجديّة وجهدوا في أن يجعلوا حديثهم قديمًا.!
وتكون صورة عصرهم مشرقة واضحة الطريق ... وبليغة المعنى
فإن لم نكن قادرين على أن نصنع التاريخ بأنفسنا فكيف نكسر القيود ونتحرر منها .. !
وكيف ستكون صورتنا غدًا .. ؟!
أم سيندثر حديثنا كما اندثرت ذاتنا وقدراتنا وفقدت الفرصة التي قد نكون قادرين على اتاحتها لها ولم نتحها!
إن ما يشغلنا عن الحرية اليوم معتقدات وأفكار خاطئة سيطرت على عقولنا ..
على سبيل المثال
معتقد الديمقراطية الذي غطى على ديمقراطية الذات ..
فكيف تكمن الديمقراطية ونحن لغير الله منقادين ولغير طريقه قاصدين.!
{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
إن الحرية تعني أن يكون الإنسان حرًا بمبادئه السامية التي تصب من نبع الإسلام ومنهجه الحر ..
الذي نهج للإنسان أخلاقيات لا يتسم بها إلا الأحرار ..
وكلمة حرّعربية قديمة الإستخدام وتعني أن الإنسان يكون حرًا حين يتصف بصفات نبيلة وبهذا يحدد كونه حرًا أو عبدًا.!
يرى ابن عربي أن الإنسان الحر هو الذي لا يستعبده امتلاك أو رتبة، إنه يحكم الأشياء كلها ولا تحكمه
¥