تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وقفات مع مالك بن أنس رحمه الله]

ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 06:52 ص]ـ

الإمام مالكًا يقف اليوم بين أيدينا أُنموذجًا لرجل متخصص رأى أن مواهبه وإمكاناته وملكاته تمكنه من أن يخدم الإسلام في مجال حفظ العلم ونشره، وتعليمه والعمل به.

التقى مالك رحمه الله بأصناف من أهل الدنيا فأغروه بترك العلم فأشاح عنهم بوجهه وأعرض، ورأى أن ما عند الله خير وأبقى.

والتقى بآخرين دعوه إلى أن يشتغل بالجهاد ويترك العلم؛ فرأى أن ما اشتغل به خير، وأن ما اشتغلوا به -أيضًا- خير، وأن فروض الكفايات لا يغني بعضها عن بعض، وكلٌ على ثغرة من ثغور الإسلام.

والتقى بالزهاد من أمثال عبد الله بن عبد العزيز العمريّ، وكان إمامًا في الزهد والتقوى والورع والعزلة، فكان إذا خلا بالإمام مالك حثه على الزهد والانقطاع والعزلة عن الناس، فكان الإمام مالك يصغي إليه ويدعو له، لكن لا يأخذ برأيه في اعتزال الناس، بل اختلط بهم وصبر عليهم.

واليوم أين عبد الله بن عبد العزيز العمريّ؟!

وقد كتب إليه مالك رحمه الله برسالة قال فيها:

(إن الله عز وجل قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فُربَّ رجل فُتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصلاة، ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر، وقد رضيتُ بما فُتح لي فيه من ذلك، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير، ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم له، والسلام) (5).

هيئته وحِلْيته رحمه الله:

كان مالك رحمه الله طويلًا جسيمًا، شديد البياض، حسن الصورة، واسع العينين، وإذا أراد أن يَخْرج إلى الناس خرج مُزَيَّنًا مطيَّبًا، وكان يتطيب بالمسك وأجود الطيب، ويعتني بلباسه أشد عناية، فلا تراه العيون إلا بكامل زينته.

قال بشر بن الحارث رحمه الله: (دخلت على مالك فرأيت عليه طيلسانًا يساوي خمسمائة، وقد وقع جناحاه على عينيه أشبه شيء بالملوك) (6).

وكان إذا لبس العمامة جعل منها تحت ذقنه، ويسدل طرفيها بين كتفيه (7).

ولما سُئل رحمه الله عن لبس الصوف، قال: (لا خير في لبسه إلا في سفر؛ لأنه شهرة) (8)، يعني أن لابسه يتظاهر بالزهد والتواضع.

وكان إذا أراد أن يخرج لدرس الحديث توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ولبس قلنسوة، ومَشَّط لحيته، وربما عاتبه أحد في ذلك فقال: (أوقِّرُ به حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) (9).

هذا المظهر الحسن ليس منافيًا للتدين الصحيح، ولا للعلم والإمامة، ولا للعقل والرزانة، بل كان هو الخليق برجل كمالك في مدينة كمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك العصر، وقد فُتِحت على الناس الدنيا، فكانوا محتاجين إلى من يبيِّن لهم جواز الزينة على هذا النحو، فضلًا عن أن هذا كان مناسبًا لطبعه وجبلَّته، فإنه من أحفاد الملوك، وكان ذا هيبة وعظمة، تأتي الملوك إلى بساطه، وتجلس بين يديه كما فعل الرشيد، ويرى الناس فيه جلال العالم بغير أبَّهة ولا كبرياء.

منقول

ـ[النابغة الحضرمي]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 07:24 ص]ـ

جزاك الله خيراً أخي أحمد على هذا النقل المتميز,,

بارك الله بك.

ـ[السراج]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 10:39 ص]ـ

جزاك الله خير ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير