تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى]

ـ[ابو ميسرة]ــــــــ[02 - 09 - 2009, 03:47 م]ـ

:::

من رواد الطب الإسلامي ..

ابن النفيس .. مكتشف الدورة الدموية

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد .. فإن مسيرة الحضارة في تاريخنا الإسلامي قد بلغت شأوا عظيماً وحققت إنجازات باهرة وسطع في سمائها نجوم لا زالت قوافل العلماء تهتدي بمعارفهم ومختلف الشعوب تنتفع بخبراتهم.

ومن تلك الشخصيات الفذة ابن النفيس الذي نتحدث عنه في هذه الحلقة للأسباب التالية:

1. تقديم صورة عملية لالتزام المسلمين بالمنهجية العلمية القائمة على التحقيق والضبط والجدية والإنصاف.

2. تقديم برهان من واقع تاريخنا المجيد على خطأ ما يتوهمه البعض من أنه بعد صدر الخلافة العباسية (لا يوجد عالم واحد من المسلمين قد تميز بالتمكن في مجال من مجالات العلوم الكونية)، وفارس برهاننا هنا طبيب عظيم من أعيان القرن السابع الهجري.

3. تنبيه المسلمين للحذر من تصديق أكاذيب وافتراءات الأعداء الذين يتنكرون للواقع ويعملون على طمس الحقائق والوقائع ومن ذلك أنهم ينسبون اكتشاف الدورة الدموية للانكليزي هارفي أو للإسباني سافيتوس مع أن مكتشفها هو طبيبنا المسلم ابن النفيس.

4. البرهنة الواقعية على أن العلماء المسلمين لم يتوقفوا عند حد قراءة علوم غيرهم وتمثل معارفهم بل إنهم أبدعوا أشياء جديدة وابتكروا أموراً عديدة في كل تخصص فأثروا بذلك مسيرة المعرفة الإنسانية ودفعوها في اتجاه سعادة البشرية جمعاء.

5. وسنرى في شخصية ابن النفيس البرهان على إمكانية محافظة الإنسان على تنفيذ مستلزمات التدين في أداء عملي متسق بدون إفراط ولا تفريط.

فمن هو ابن النفيس الذي نترجم له في هذه الصفحات؟ وما هي ميزاته؟ وما أبرز نشاطاته؟ وهل كان له منهج متميز. وهل خلف لنا آثاراً علمية رفد بها مسيرة تراثنا الخالد؟ هذا ما نجد الإجابة عليه في هذه الأسطر، وبالله التوفيق.

أولاً: نشأته ومعالم شخصيته

هو أبو الحسن علاء الدين ابن أبي الحزم المعروف بابن النفيس القرشي، طبيب عربي مسلم وفيلسوف وفقيه ولغوي، ولد عام 607هـ في دمشق وتوفي بالقاهرة 687هـ، ولقد نشأت في دمشق ودرس الطب على يد مهذب الدين الدخوار أشهر أطباء عصره وكذلك تتلمذ على عمران الإسرائيلي ومارس الطب ببراعة ونجاح ثم حضر إلى القاهرة زمن الملك الكامل الأيوبي والقاهرة آنئذ مركز العلوم والفنون وبلد إشعاع فكري، فمارس الطب هناك، ثم إن السلطان بيبرس اختاره طبيباً خاصاً له فأصبح عميداً للمستشفى المنصوري، بل عميداً للأطباء في مصر، مع مزاولته مداواة المرضى في داره الفارهة والتي كان يقال عنها: لا مثيل لها، بل إن هذه الدار بما فيها وقفها على البيمارستان المنصوري.

كان ابن النفيس رجلاً طويل القامة نحيل الجسم جم الذكاء واسع المعرفة متضلعاً في مختلف العلوم مستقيماً في كل الشؤون عاش قرابة ثمانين سنة قضاها في طاعة الله مؤدياً أمانة دينه حكيماً في مزاولة مهنة الطب، ثم إنه عرف بطول البال ولين الجانب وعزف عن الزواج لكي يتفرغ للعلم وأهله، ولقد كان باحثاً من الطراز الممتاز ألف في الطب كما ألف في علوم أخرى مثل المنطق والفلسفة واللغة والبيان والحديث وأصول الفقه، وكان واثقاً من نفسه متمكناً في ما يقول، واضح العبارة سهل الأسلوب، وكان يتمتع بشجاعة أدبية، مع حسن سيرة وطيب عشرة، حاضر البديهة يغلب عليه الهدوء مع الاتزان، والتنزه عما لا يليق والحكمة في التصرفات، يروى أنه مرض في آخر عمره فوصف له النبيذ فرفض أن يأخذه قائلاً: (لا ألقى الله وفي بطني شيء من الخمر).

ثانياً: منهجه العلمي والمسلكي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير