تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من ثورة الفاتح!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 09 - 2009, 08:52 ص]ـ

في إطار احتفال الجماهيرية الليبية بثورة الفاتح، وبغض النظر عن مقدار تلك الاحتفالات في ميزان الشرع بل عن مقدار الثورة نفسها في ميزان الشرع، برزت إيطاليا ممثلة في: "بيرلسكوني" الملياردير الإيطالي العابث، كضيف شرف من الدرجة الأولى في تلك الاحتفالات في إطار مشروع التطبيع الأوروبي مع ليبيا طمعا في ثرواتها لا سيما البترولية، وهو المشروع الذي تولت إيطاليا كبره بوصفها المحتل السابق لليبيا، وقد صادف ذلك الذكرى الأولى لاعتذار إيطاليا ممثلة في شخص رئيس وزرائها عن جرائم جيوشها المروعة في حق الشعب الليبي المسلم، مع التعهد بتقديم 5 مليار دولار من التعويضات على مراحل تستغرق عشرين عاما، إن لم تخني الذاكرة، وشهد بيرلسكوني افتتاح أحد الطرق السريعة التي تربط شرق الجماهيرية بغربها، وفي هذا الزخم العاطفي، ظهرت كالعادة أصوات التطبيع، وتناسى بعض المحللين السياسيين الذين ينظرون إلى المسألة نظرة براجماتية عمدتها المصالح الآنية، تناسى أولئك جرائم المحتل في حق الشعب الليبي المسلم، وتناسوا، وهو الأهم، البعد الديني في تلك الحملة، فلم تجد أوروبا، مع كونها علمانية لا تقيم للنصرانية وزنا، لم تجد إلا رسم الحرب الدينية لتجيش بها الجيوش في الغارة التي شنتها على العالم الإسلامي لما ضعف سلطان الخلافة العثمانية واقتسمت الدول الأوروبية ولاياتها، فكان جنود روما: مهد الكاثوليكية، فهي أول بقعة أوروبية عرفت نصرانية بولس المحرفة بعد أن كانت وثنية صرفة، كان جنود روما مع ما لها من رمزية إلى الآن في قلوب النصارى الكاثوليك، كان أولئك يلقون الموحدين من الطائرات صارخين فيهم: فليأت نبيكم محمد ذلك البدوي الذي أغراكم بجهادنا وغزو بلادنا لينقذكم من أيدينا، أو كلمة نحوها، فللقوم ذاكرة حديدية بخلاف ذاكرتنا التي علاها الصدأ، فنسيت كل ذلك مقابل: 5 مليار دولار، وهو ثمن مغر بلا شك!، فلا ذنب لهذا الجيل فيما ارتكبه أسلافه، فقد تغيرت نظرة إيطاليا فصارت أكثر رقيا!، فعلام تعكير الصفو باستحضار الذكريات المؤلمة، وما فات قد مات، كما يقال عندنا في مصر، مع أن بيرلسكوني نفسه معروف بعدائه الشديد للإسلام، فهو أحد بقايا حلف بوش الأوروبي بعد سقوط بلير وخوسيه ماريا أزنار رئيس الوزراء الأسباني السابق ذي اللسان السليط الصريح في قدحه في الإسلام، فهو كبيرلسكوني الذي خانه لسانه هو الآخر فقدح في الحضارة الإسلامية صراحة في معرض الانتصار للحضارة الغربية، بعد أحداث 2001 فأوروبا كما عهدناها: نرجسية تظن نفسها محور الكون، فكل حضارة منها صدرت، مع أنها عند التحقيق: مصدر كثير من البلايا التي لم تسلم هي نفسها منها، ففساد تصورها الديني ولد من فساد أحكامها العملية والأخلاقية ما صير حضارتها حضارة الدمار الذي شهدته أرضها في الحروب العالمية في النصف الأول من القرن الماضي، وبانتهاء تلك الحروب انهارت المنظومة الاجتماعية والأخلاقية الأوروبية، وأودع الدين في متاحف الكنائس فلا يستدعي إلا في النوازل وآكدها غزو العالم الإسلامي، فيخوف الأوروبي بفزاعة الأصولية الإسلامية الزاحفة على قارتنا المتحضرة، ليدفع ذلك الوافد ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وخير وسيلة للدفاع الهجوم على أرض الشرق المسلم بتطويقها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا، فمحاور الغزو الأوروبي للعالم الإسلامي متعددة، ولكل غزوة رجالها.

وبيرلسكوني في نفس الوقت: رجل أعمال ناجح جدا، فليس من السذاجة بحيث يدفع 5 مليار دولار في صفقة تعويضات دون أن يجني في مقابلها استثمارات وامتيازات يستعيد بها المليارات الخمسة وزيادة.

والله أعلى وأعلم.

رابط ذو صلة:

http://almoslim.net/node/117053

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير