تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لغتنا الجميلة]

ـ[أبو منة]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 01:51 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[لغتنا الجميلة]

لا أتحدث في هذا المقال عن أهمية اللغة في حياة الامم والشعوب من كونها أداة للتواصل والتفاهم والحوار وأداة للعلم والمعرفة ونواة التقدم والإزدهار والفن والإبتكار فهذه الأمور وأكثر من ذلك تكاد تكون معروفة عند فئام من الناس ولكن أريد أن أتحدث عن اللغة من منظور آخر وهو منظور الهوية فلا أدعي بالطبع أني منفرد بالحديث في هذا الموضوع فربما قد سبقت في ذلك فلست بدعا في الحديث في هذا الموضوع ولكن لأهميته أولا ولقلة المتكلمين فيه ثانيا رأيت أنه من الضروري والواجب علي مثلي أن يتحدث في هذا الموضوع، وينبغي علي كل من يحمل هم هذه اللغة وأقصد بالطبع اللغة العربية المهجورة من أهلها أن يحبب الناس في هذه اللغة حتي يقدروها حق قدرها ويضعوها في مكانها المناسب اللائق بها علي ألسنة الناس.

إن الحديث عن اللغة العربية ذو شجون وذو ألم في آن: من حيث أنها هي اللغة التي تربينا عليها صغارا ونشأنا عليها كبارا فهي اللغة الأم التي مهما بذلنا من أجلها وأعطيناها من عمرنا ما وفيناها حقها. رضعنا لبانها وتربينا في كنفها وتلذذنا بالحديث معها. نري كيف أن الام عندما يكبر وليدها وينمو معه قدرته علي النطق تجهد نفسها بترديد بعض الكلمات حتي يسمعها طفها ويزداد نشوتها عندما تسمع طفلها الرضيع يردد من وارئها ولأول مرة كلمة بابا أو ماما تكاد الام يطير قلبها فرحا ويرقص طربا ولا يزال الطفل الرضيع يكبر ويكبرمعه الحروف والكلمات والجمل حتي يجري الكلام علي لسانه وبعضهم قد يصبح كاتبا فيصنع الجمل والكلمات.

إذا كانت اللغة بالنسبة لدينا بهذه المكانة فلماذا لا يزداد وعينا بها لأكثر من هذا بحيث يتعدي ذلك إلي الإهتمام بها في صورتها الأخري الأكثر جمالا ورشاقة ونرجع بها إلي ما كانت عليه من سابق مجدها وقديم عهدها حيث كانت لغة الحضارة والسيادة والريادة والشرف والعزة والسؤدد؟ اضعفت اللغة أم ضعف أهلها؟ هل تغيرت ام تغيرعنها أهلها؟ هل استكانت يوما وخارت وعجزت عن القيام بما اناط بها أهلها؟ أم ان أن أهلها أساؤوا استخدامها وهجروها واستبدلوها بغيرها؟ أم ظهرأناس يعيبون لغتنا ويرمونها بما ليس فيها كذبا وزورا وبهتانا وانتكاسا؟ أم أننا هزمنا في أنفسنا يوم أن تغيرت الأحوال وتبدلت الحياة وجرت سنن الله عز وجل في كونه وانتقلت السيادة والريادة فسقطت من أيدينا فتلهفتها يد أخري وصرنا بذلك تبع لغيرنا بعد أن كان غيرنا تبع لنا؟

مهما يكن من أسباب ومبررات لما أصابنا نحن تجاه لغتنا فإن هذه اللغة قوية وشعلتها لن تنطفأ مهما امتدت الايدي الغادرة لتشوه الصورة الجميلة المرسومة داخل كياننا ووجداننا نحو هذه اللغة الخالدة، ولا يغرنك ما نحن فيه الأن من إعراض أهلها عنها فإن ذلك يمكن معالجته إذا ما تكون عند الناس الوعي الكافي بأهمية اللغة بصفة عامة في حياة الأمم والشعوب وأنها الوعاء المحكم الذي يحفظ للامم مفاخرها وإنجازاتها وهويتها، وبأهمية اللغة العربية بصفة خاصة عند الناطقين بها من أهلها الذين قاموا بها وقامت بهم، وهذا الوعي لا يأتي فجأة ولا بين يوم وليلة وإنما يأتي بعد عناء وتعب ومشقة يكلله النية الصالحة في الإصلاح والاخذ بأيدي الناس والصعود بهم نحو الكمال.

قضية الإنتماء أصبحت في عالمنا العربي اليوم قضية مغيبة تماما عن أذهان العامة وان مجرد طرح فكرة ربط مصيرنا بلغتنا أصبحت فكرة لا تجد صدي عند الناس وهنا يرد تساؤل يجيب عليه آية كريمة من كتا ب ربنا جلت قدرته يقول تعالي:" وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " فالله سبحانه وتعالي اشترط علي نفسه في إرسال الرسل أن يكون لسانه بنفس لغة القوم الذين أرسل إليهم، ثم بين الله سبحانه وتعالي العلة من ذلك وهي التبيين، إذ لا سبيل لهم أن يعوا ما عند الرسول إلا إذا كان يتحدث بنفس اللغة ولولا ذلك لانتفت المنفعة المنتظرة من هذا الرسول فما أرسلت الرسل إلا من أجل تحصيل المنافع الدنيوية والأخروية فالخيط الذي يتوسط هذا كله هو اللغة فهي بيت القصيد، قرآننا نزل بلغتنا وبه يعقد لواء العزة وبدونه تنحط الأمة إلي أسفل سافلين، هذا إذا وعيناه وتدبرناه وفهمنا ما فيه وعلمنا مراد الرب من كلامه، فيه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير