تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد دعا إلى هذا المعنى وغيره في حديث متفق عليه يقول فيه: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" رواه البخاري ومسلم. فقد علق الشافعي رحمة الله عليه على معنى الحديث قائلا: إنه إذا أراد (المرء) أن يتكلم فليفكر ... فإن ظهر أن لا ضرر عليه تكلم، وإن ظهر أن فيه ضرر أو شك أمسك عنه. والأعظم أن يكون الصمت في وقته من دلائل الإيمان. ف" من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه".

وقد سئل بعض الصامتين: "" لم لزمت السكوت؟ قال: لأني لم أندم على السكوت قط وقد ندمت على الكلام مرارا.

إن الدعوة إلى الصمت تأتي من باب الاحتراز وأخذ الحذر حتى لايوقع بك لسانك في المحظور، المحظور من الكلام و المحرم و البذيء ... إلا أن تجاهد بكلمة حق، فهو عين الصواب والأوْلَى.

فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" العافية في عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا عن ذكر الله عز وجل"". نعم إلا في ذكر الله، وفي قول الحق. ومن سكت عن قول الحق فهو شيطان أخرس، و" من فقه الرجل قلة كلامه فيما لايعنيه"". فجرح اللسان كجرح اليد.

ومما قاله الناظم في هذا الشأن مشيدا بفلاح الصامت:

1 - قد أفلح الساكت الصموت كلامه قد يعد قوت

2 - ما كل نطق له جواب جواب ما يكره السكوت

3 - واعجبا لامرئ ظلوم مستيقن أنه يموت

وإذا كان الصمت بالمعنى الذي أدرجته آنفا؛ فإن نعمته لاتنتهي بالتعود على قول الخير، وعدم الندم ... إنما نعمته قد تصل إلى حد أن تنال رضى الرحمان فيكون سببا يُدخلك إلى جنانه، أو كلاما تقوله يخرجك من منها فيهوي بك في نار جهنم والعياذ بالله. فقد روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لاتشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت. ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جُنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون. ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سَنامه؟ قلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد. ثم قال ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله؟ قلت بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه وقال كُف عليك هذا قلت يانبي الله!! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال تكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟؟ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

الشاهد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: كف عليك هذا. إذ إطلاق العنان للسان سيمشي – لامحالة - بين الناس بالغيبة والنميمة وشهادة الزور وربما يقع في أعراضهم ويسترسل في المعاصي وإيذاء الآخرين في الوقت الذي يُفترض فيه الحث على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي كل ما يعود على الناس بالنفع والخير" وقولوا للناس حسنا".

وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه أنشد قائلا:

1 - يموت الفتى من عثرة من لسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجل

2 - فعثرته من فِيه ترمي برأسه وعثرته بالرجل تبرى على مهل

وفي الختام أزف إلي وإليك هذه النصيحة من لسان ابن حِبَّان ناصحا: "يا ابن آدم أنصف لسانك من أذنيك واعلم إنما جعل لك لسان وأذنان لتسمع أكثر مما تقول".

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[22 - 08 - 2009, 02:20 ص]ـ

بارك الله فيك أخي حمادي الموقت على هذا الجمع الطيب

وما من شيء هو أربح للمرء من الصمت

ورب كلمة قالت لصاحبها دعني

وما من عضو أحق بطول حبس من لسان

ما إن ندمت على سكوتي مرة .... ولقد ندمت على الكلام مرارا

بوركت أخي حمادي وكل عام وأنت بخير.

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[22 - 08 - 2009, 03:25 ص]ـ

بارك الله فيك

ـ[أبو سارة]ــــــــ[22 - 08 - 2009, 09:41 ص]ـ

سلمت أناملك أخي حمادي على هذا الموضوع الماتع.

وفي هذا السياق يحضرني تعليق قرأته لأحد العلماء - أظنه النووي في الأذكار - على الحديث الذي ذكرتَه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت) بأن هذا الحديث دليل على أن الصمت هو الأصل فلا يكون الكلام إلا لضرورة.

دمت مسددا

ـ[حمادي الموقت]ــــــــ[22 - 08 - 2009, 02:39 م]ـ

إخواني الفصحاء ولست بفصيح بينكم

طبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الفصاحة منزلة

وبعد

فأرجو أن أكون واحدا ممن يركب معكم سفينة الفصاحة، وليس بثقيل عليكم، أفيد وأستفيد

حتى إن لم أجد ما أقوله ارتكنت إلى الصمت الذي لطالما كان صديقا عزيزا، وعند البعض عليّ لوما وعتابا

مع تحيات: أبو ريحانة

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[23 - 08 - 2009, 09:22 م]ـ

1. وجدت سكوتي متجرا فلزمته إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر

الشافعي أفضل من أجاد في وصف الصمت

أبا سارة

سلمت أناملك أخي حمادي على هذا الموضوع الماتع.

وفي هذا السياق يحضرني تعليق قرأته لأحد العلماء - أظنه النووي في الأذكار - على الحديث الذي ذكرتَه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت) بأن هذا الحديث دليل على أن الصمت هو الأصل فلا يكون الكلام إلا لضرورة.

دمت مسددا

استنتاج رائع

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير