تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

البر، لا من يترك تأديبهم وتربيتهم تربية نافعة.

وأما المجنون ومن زال عقله بهرم أو نحوه فإنهم لا صيام عليهم ولا إطعام لعدم العقل عندهم.

وأما العاجز عن الصيام فإن كان يرجو زوال عجزه كالمريض الذي يرجو الشفاء، فإنه ينتظر حتى يعافيه الله، ثم يقضي ما فاته، لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى? مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وأما العاجز الذي لا يرجو زوال عجزه: كالكبير والمريض الا?يس من البرء، فهذا ليس عليه صيام، وإنما الواجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، وهو بالخيار: إن شاء صنع طعاماً ودعا إليه فقراء بعدد أيام الشهر، وإن شاء أعطى كل فقير خمس صاع من البر.

والمرأة الحائض والنفساء لا تصوم، وتقضي بعد الطهر بعدد الأيام التي أفطرت.

وإذا حصل الحيض أو النفاس في أثناء يوم الصيام بطل الصوم، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم الذي حدث فيه الحيض أو النفاس، كما أنه إذا انقطع الدم في أثناء نهار رمضان وجب عليها أن تمسك بقية يومها، ولا تحتسب به، بل تقضي بدله.

والمسافر مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر، إلا أن يشق عليه الصيام، فإنه يفطر، ويكره له الصيام، لأن في ذلك رغبة عن رخصة الرحيم الكريم وزهداً فيها، وإن كان الصيام لا يشق عليه ولا يفوت حاجته، فالصوم أفضل لما في الصحيحين من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة.

5 ـ المفطرات هي:1 ـ الأكل والشرب: من أي نوع كان المأكول أو المشروب، وبمعنى الأكل والشرب الحقن، أي الإبر التي يكون فيها تغذية للجسم أو تكسبه ما يكسبه الطعام من القوة، فهذه تفطر، ولا يجوز استعمالها للمريض، إلا حيث يجوز له الفطر، مثل أن يضطر إلى استعمالها نهاراً، فهذا يجوز له استعمالها ويفطر، ويقضي بدل الأيام التي استعملها فيها.

وأما الإبر التي ليست كذلك مثل إبر البنسلين فهذه لا تفطر، لأنها ليست طعاماً ولا شراباً، لا لفظاً ولا معنى لكن على كل حال الأحوط للإنسان تركها في الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

2 ـ الجماع: وهو من كبائر الذنوب للصائم في نهار رمضان، وفيه الكفارة المغلظة: عتق رقبة، فإن لم يجد رقبة بأن كان ليس له مال، أو له مال ولكن لا يوجد رقيق بوجه شرعي، فإنه يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع وجب عليه إطعام ستين مسكيناً (وتقدم كيفية الإطعام).

3 ـ الإنزال: أي إنزال المني بفعل الصائم، مثل أن يقبّل زوجته فيمني فإنه يفسد صومه، وأما إذا كان الإنزال بغير فعله مثل أن يحتلم فينزل: فإن صيامه لا يبطل؛ لأن ذلك بغير اختياره، ويحرم على الصائم أن يباشر مباشرة يخشى من فساد صومه بها، فلا يجوز أن يقبِّل زوجته أو يلمسها مثلاً، إذا كان يظن أن ينزل منيه بسبب ذلك، لأن فيه تعريضاً لصيامه للفساد.

4 ـ الحجامة: فيفطر الحاجم والمحجوم لحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" (رواه الترمذي وأحمد وقال: هو أصح شيء في هذا الباب، وصححه ابن حبان والحاكم)، وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث ثوبان وحديث شداد بن أوس مثله. فأما خروج الدم بالجرح، أو قلع الضرس، أو الرعاف أو نحوه فإنه لا يفطر الصائم.

5 ـ القيء: إذا استقاء فقاء، فأما إن غلبه القيء بغير اختياره فإنه لا يفطر.

ولا يفطر الصائم إن فعل شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً أو ناسياً؛ قول لله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـ?كِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وقال: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـ?نَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـ?فِرِينَ نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـ?نَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـ?فِرِينَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وقال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"، وثبت في صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا يوماً من رمضان في غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ومثل ذلك إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه طالع، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.

ويجوز للصائم أن يتطيب بما شاء من الطيب من بخور أو غيره، ولا يفطر بذلك.

ويجوز للصائم أيضاً أن يداوي عينه بما شاء من قطور أو ذرور، ولا يفطر بذلك، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد التاسع عشر - كتاب الصيام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير