تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المسلمين تجن عليه واتهام له بما ليس فيه، وبعض الناس يحكم بهذا الحكم القاسي بناء على لازم لم يلتزمه القائل، أو استباقا للحدث بالتخرص الظاهر طلبا لما في الصدور فهو ينتحل فكر الخوارج ولكنه يمارس التقية!، وأنى لأحد أن يجزم بما في صدر غيره فيصدر الحكم عليه بناء على نية يظهر القائل خلافها، وهل ذلك من العدل مع المخالف الذي يدعيه كثير من الناس في قاعات البحث النظري وينقضه عند التطبيق نقضا؟!.

فلا ينجو الحاكم في مثل هذه المضائق من غلو: أو جفاء وتقصير: فكثير يدعي العصمة بلسان الحال لمن يوافقه في العلم أو العمل وإن أخطأ أو وقع في قول أو فعل مرجوح، وليس المراد تحرير حكم واقعة بعينها وإنما المراد تحرير مسألة الغلو والجفاء في مسائل الأسماء والأحكام.

والمتابع للشأن العراقي في بداية المقاومة ومرورا بأطوارها وانتهاء بطور "الصحوات" المغفلة!، التي استيقظت الآن بعد أن انتهت مهمتها في حرب المقاومة فألقتها الحكومة ومعها الاحتلال في سلة المهملات، المتابع لهذه الأطوار يلمس نوع تجاوز في فكر بعض تيارات المقاومة فقد وقع في نوع غلو في الحكم على غيره حتى من أعضاء المقاومة فولد ذلك ضغائن أدت إلى وقوع تقاتل واختلاف منهجي، كما قال المتحدث باسم المقاومة العراقية من ثلاث سنوات أو يزيد في برنامج "بلا حدود" على فضائية الجزيرة، وذلك مكمن الخطر، فلم يكن الخلاف في الوسائل وإنما كان في المناهج والأفكار، وحاولت بعض فصائل المقاومة انتزاع الرياسة لفصائل المقاومة دون ترو بترداد النظر في حال المجتمع العراقي وخصوصياته، فلكل مجتمع توجهات يجب على من تداعى إلى نصرته أن يعتبرها، فليس البشر كلهم سواء، وكان ذلك فتيل أزمة أحسن الاحتلال استغلالها وتغذيتها وتسليحها فظهرت الصحوات كرد فعل لأخطاء ذلك الفصيل فكان ما كان من تأخر الهزيمة للاحتلال وأنواعه، وقد كانت قريبة المنال، فشاء الرب، جل وعلا، أت تتأخر، وله في ذلك من الحكم ما يعجز البشر عن دركه على وجه الدقة، والشاهد أن ذلك، أيضا، يعد من الأخطاء التي قد يروج لها ويسلط الضوء عليها لانتزاع كل فضيلة من ذلك الفصيل فيصير مثير فتنة ومنتهك حرمة ....... إلخ، وقد يغض الطرف عنها تماما بل قد تصير من جملة المناقب.

ولا شك أن الحادث الأخير مما تباينت ردود الفعل تجاهه:

أحسن الأرثوذكس استغلاله لتخفيف الضغط الذي ولدته الوقفات الجريئة في الآونة الأخيرة فوجدت ضالتها في نسبته إلى فكر ترفض القيادة السياسية في مصر التعاطي معه جملة وتفصيلا لا سيما داخل الأراضي المصرية.

وأحسن الكاثوليك استغلاله، فهو مما يشهد لمقررات سينودسهم المشئوم، وتضاؤل نسبة النصارى في العراق التي انخفضت إلى ما دون 1% إن لم تخني الذاكرة مما يزعجهم فحادثة كهذه تسلط الضوء على اضطهاد النصارى في العراق خصوصا وفي الشرق عموما وهو ما تبناه السينودس الأخير ونافح عنه بشدة.

وغلا البعض في النقد حتى أخرج الفاعلين عن مذهب أهل السنة جملة وتفصيلا، مع ما تقدم من امتناع إخراج مكلف عن طريقة شرعية إلى أخرى حادثة لمجرد المشاركة في فعل أو جملة أفعال، أو أصل حادث، أو غلو في مسألة علمية أو عملية وقد وجدت في العقود الأخيرة جماعات ذات توجه إسلامي سني صحيح وقع منها غلو في مسألة الخروج على أئمة الجور فحكم المحققون من أهل العلم المعاصرين بخطئها في ذلك المسلك ولم يخرجوها بموافقة الخوارج في مسألة عملية لم يخرجوها إلى مذهب الخوارج بكل أبعاده وتفاصيله!.

وسارعت هيئة علماء المسلمين إلى استنكاره لما وقع فيه من ضحايا من النساء والأطفال ولفتت النظر إلى جانب مهم وهو سوء إدارة الشرطة العراقية لهذه الأزمة وهو ما تسبب في ارتفاع حصيلة الضحايا وما أشبه هذا الاقتحام باقتحام القوات الروسية لأحد مسارح موسكو من سنوات واستخدام غازات سامة قضت على رواده، واقتحامها لمدرسة احتجز فيها بعض الرهائن في إحدى الجمهوريات القوقازية، فقد كان الاقتحام، أيضا، سيئا يدل على سوء تخطيط وهمجية في التنفيذ وهو أمر يتميز به الروس بحكم جبلتهم وإن لهم من الكفاءة القتالية ما ليس للأمريكان المترفين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير