تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واستنكرته تيارات إسلامية ذات توجه حركي، ويبدو، والله أعلم، أن هذا يندرج في سياق المجاملة للنصارى قبل الانتخابات، وهو أمر ظهرت قد آثاره في تصريحات سابقة لمسئولين كبار في الجماعة، فصوت النصارى الانتخابي قد صار مؤثرا، وهو ما فسر به بعض الناشطين الإسلاميين سكوت هذا التيار الفاعل عن تحريك قضية الأخت كاميليا وأخواتنا، فك الله أسرهن، فقد صدرت بعض التصريحات ولكنها لم تكن على المستوى المطلوب فلا تناسب ثفل الجماعة في الشارع السياسي والاجتماعي المصري.

ورحب به قطاع كبير من المتعاطفين مع أخواتنا فك الله أسرهن، فهو بمنزلة صفعة تفيق النائمين عن نصرة أخواتهن في مصر فقد رثى لهن من بالعراق مع بعد المسافة وشدة الوطأة من الاحتلال وأذنابه، وقال البعض أو سيقول، والله أعلم، بأن تلك دعاية للتنظيم، ليظهر بمظهر المدافع عن حقوق المستضعفين من المسلمين في أقطار المعمورة، والله اعلم بالنوايا والدخائل، وليس ذلك مما أطلع الرب، جل وعلا، عليه البشر، وإنما العبرة بالظاهر ما لم تقم قرائن على خلافه، وقد يقول البعض بأن التصرف فيه نوع تجوز وتعد على أحكام الشرع، ولكنه من وجه آخر جلب منفعة ولو دون مفسدته من توليد ضغط متزايد لإنهاء تلك المهزلة الكنسية، وقد يقول آخرون، بل الضغط قد تولد على المطالبين بإطلاق أخواتنا فقد ساغ الآن توجيه الاتهام لهم بالتآمر مع تنظيم متطرف، وقد يفاضل بعض ثالث بين المفسدة وهي ظاهرة فيما وقع من قتل والمصلحة بتوليد ضغط إضافي يزيد القضية حرارة فهي قضية إيمانية لا حل لها إلا بحرارة إيمانية صادقة في القلوب، فتتردد الأنظار فبين معتبر للمفسدة فهي عنده أعظم، أو معتبر للمصلحة فهي عنده أعظم ............ إلخ من الاحتمالات.

وأعسر ما في هذه المسائل المتشابكة: تحرير الحق الخالص فليس في جانب واحد بل قد يوجد عند كل جزء منه فاستخلاصه لتكتمل الصورة: أمر عسير لا ييسره الرب، جل وعلا، إلا لمن صدقت نيته في طلب الحق ورسخت قدمه في علم الشرع.

فيحسن في مثل هذا المقام ترديد دعاء: "اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".

وبعض أهل العلم يسارع دوما، بقصد أو بدون قصد، إلى التماس الأعذار لمن وقع في جنايات شرعية صريحة، من أصحاب الكراسي، فيلتمس لهم جملة من المعاذير المرجوحة لا سيما مع تصريح كثير منهم بالعداء السافر للإسلام وأهله، فلا يزيده ذلك إلا حلما!، وفي المقابل ينتفض غضبا إذا اختلف مع من يشترك معه في التوجه الإسلامي فيكيل له التهم التي يغلب عليها الجانب التحريضي، بل قد يتعبد الله، جل وعلا، بالوشاية به!، مع الإنصاف يقتضي التماس العذر له كما يلتمس العذر للآخر، بل هو أولى، فالخلاف معه أضيق دائرة، لو استعملت قواعد الشرع في تحرير محال النزاع في الخلافات العلمية والعملية، بل قد رأينا من يلتمس العذر للغرب في عدائه السافر للإسلام، كما قد وقع من مفتي مصر في تصريح أخير من تصريحاته التي تثير الغيظ!، فيجب على المسلمين بفحوى كلامه أن يسارعوا بالاندماج الإيجابي في المجتمعات الأوروبية لئلا يقع الصدام بينهم وبين المجتمعات التي يعيشون فيها، فهم المتهمون دوما بإثارة الفتن والقلاقل في أي مجتمع لإصرارهم على مسائل شكلية من قبيل مسائل الهدي الظاهر وتشييد المآذن!، وهذه السماحة المفرطة لا تجد منها شيئا مع المخالف من أهل السنة فهي حكر على الكفار الأصليين وعلى أذنابهم من العلمانيين وعلى أهل البدع المغلظة!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير