تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مني، وكل ذلك من بركة السياسة النبوية في استمالة هذا القائد العظيم الذي صارت معاركه مضرب الأمثال فهي السبب الرئيس في تقويض أكبر إمبراطوريتين في العالم القديم في زمن قياسي يشهد لهذه الملة بالصحة، فلن يمكن الرب، جل وعلا، لأمة تفتح الدنيا برسم الوحي برجال أمثال خالد إلا إن كانت مقالتها صحيحة في نفس الأمر فذلك من بدائه العقول التي لا يماري فيها إلا جاحد أو مسفسط.

فهكذا السياسة وإلا فلا، وديننا عند التدبر والنظر، هو دين السياسة!، في مقابل ما يزعمه الأفاكون من أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، فيريدون بذلك إقصاء الإسلام والانتصار للعلمانية التي لا تقيم للدين وزنا في شئون الحياة العامة، فسياسة الإسلام حاضرة حتى في الشأن الخاص بضبط الاعتقادات تصديقا لخبر الوحي، وضبط الأقوال والأعمال امتثالا لحكمه وضبط الأخلاق فذلك من سياسة النفوس، وسياسة الإسلام حاضرة، أيضا، في الحياة العامة في سائر وجوه المعاملات، وفي الشأن الدولي مع بقية الأمم في السلم والحرب، فكيف يكون دين بلا سياسة؟!.

وعموما فإن جيلنا إجمالا ليس بجيل حرب، فهو الجيل الذي شرب من قدح السلام: الخيار الاستراتيجي الأول والوحيد تقريبا! في مقابل صلف أذل أمم الأرض، وذلك، مما يزيد العجب، وهو تأويل الذلة في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلًا لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم"، فوقع تأويل الحديث في زماننا، فشربت أجيال من قدح السلام المحرم! من لدن كامب ديفيد فأوسلو فالمبادرة العربية الأخيرة التي لا زالت على الطاولة رغم ما تلقاه من ردود أفعال حاسمة من يهود، وأولها عقيب المبادرة مباشرة في جنين في إبريل 2002 في المذبحة الشارونية المعروفة، ولا زالت ضربات يهود على طاولة المفاوضات تتوالى، كما لا زالت صفعاتهم على قفا العرب والمسلمين جميعا تتوالى وكان الله، في عون تلك الطاولة التي لم يفقد العرب الأمل في صمودها فلم تتهشم حتى الآن، على الأقل من وجهة نظرهم!.

وإلى الله المشتكى.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير