فحروفه حرفان: اللام والراء، ويجمعها قولك: رل، أي أسرع، يقال رل زيد في سيره، إذا أسرع، والله أعلم.
وهذا الإدغام، يختلف عن سابقه، بأنه لا غنة فيه، فلا يصدر من الخيشوم أي صوت أثناء نطقه، لأن إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء، إدغام كامل، يذهب فيه جسم الحرف المدغم، وصفته، وهي الغنة، خلاف النوع الأول، ففيه يذهب جسم الحرف المدغم، ولكن يبقى أثره الدال عليه، وهو الغنة التي تصدر من الخيشوم، ولذا كان ناقصا، ومن نطق بالإدغام في حالة اللام والراء، بلا تكلف، فإنه لا يجد حاجة لإخراج غنة من خيشومه.
إذ يتم الإدغام مباشرة بنطق لام مشددة، كما في:
قوله تعالى: (هدى للمتقين)، فنطقها مباشرة بلا تكلف إخراج غنة: هدللمتقين
وقوله تعالى: (ولكن لا يعلمون)، فنطقها: ولكلا يعلمون
أو نطق راء مشددة، كما في:
قوله تعالى: (من ربهم)، فنطقها: مربهم.
وقوله تعالى: (رؤوف رحيم)، فنطقها: رؤوفرحيم، والله أعلم.
يقول الشيخ الضباع رحمه الله:
وهذا على ما عليه جمهور أهل الأداء عن القراء العشرة
وروى بعضهم إدغامهما فيهما بغنة، كما في قراءة "نافع" و"أبي جعفر" و "ابن كثير" و "أبي عمرو" و "يعقوب" و"ابن عامر الشامي" و "حفص"، وعليه يكون ناقصا، لأن الغنة تمنع كمال تشديد الحرف المدغم فيه، كما سبقت الإشارة على ذلك، والله أعلم.
ووجه الإدغام في اللام والراء: قرب مخارج النون واللام والراء، فكلها من حروف طرف اللسان، فتكون من الحروف المتقاربة، التي تقاربت مخارجها، واختلفت صفاتها، فصفات النون غير صفات اللام غير صفات الراء، بل جزم الفراء، رحمه الله، باتحاد مخارجها، فكلها من نفس المخرج من طرف اللسان، فتكون من الحروف المتجانسة، وهي الحروف التي اتحدت مخارجها دون صفاتها، ويأتي بيان التماثل والتقارب والتجانس تفصيلا إن شاء الله.
وأيضا، والكلام للشيخ الضباع رحمه الله: لو لم يدغما فيهما لحصل الثقل لاجتماع المتقاربين (على رأي الجمهور)، أو المتجانسين (على رأي الفراء رحمه الله)، فبالإدغام تحصل الخفة، لأنه يصير في حكم حرف واحد.
ووجه حذف الغنة: المبالغة في التخفيف، لأن بقاءها يورث ثقلا ما، وسبب ذلك قلبهما حرفا ليس فيه غنة ولا شبيها بما فيه غنة.
فالنون الساكنة سوف تنطق عند إدغامها باللام والراء، لاما مشددة، أو راءا مشددة، وهذان حرفان لا غنة فيهما، بل ولا شبه لهما بما فيه غنة، فهما أبعد ما يكونان عنها، فعلام التكلف بالإتيان بغنة في غير موضعها؟، والله أعلم.
وأشار الناظم في ختام كلامه على الإدغام إلى حكم من أحكام (الراء)، بقوله: (ثم كررنه)، أي: احكم بأن حرف الراء من حروف التكرير، لكن يجب إخفاء تكريره.
والتكرير لغة: إعادة الشيء بصفته الأولى أكثر من مرة، ومنه الكر: أي العودة بعد الفر على نفس صفة الهجوم الأول.
واصطلاحا: ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالحرف، وحرف التكرار: الراء، وهذا الارتعاد يؤدي لتكرار نطق الحرف، ولا شك أن هذا من اللحن المخل بالقراءة، فالناظم، رحمه الله، لم يذكر هذه الصفة، ليعمل بها، كما قد يوهم لفظ: كررنه، وصيغته صيغة الأمر الدالة على وجوب الفعل، وإنما ذكرها لتجتنب، لأنها مما يخل بالقراءة، فمتى ما أظهر القارئ تكرير الراء، فإن الراء المخففة، سوف تنطق راءين، والمشددة راءات متعددة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 10 - 2006, 12:38 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
وبعد الإدغام شرع الناظم، رحمه الله، في بيان الحكم الثالث من أحكام النون الساكنة والتنوين، وهو الإقلاب، فقال:
والثالث: الإقلاب عند (الباء) ******* (ميما) بغنة مع الإخفاء
وبداية مع تعريف الإقلاب:
¥