وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن النون الساكنة في حالة الإخفاء، تكون عارية، أي خالية، عن أي حركة، فلا يرسم عليها، السكون، لأن ذاتها قد ذهبت، خلاف الإظهار، فإن السكون يرسم عليها، لأن ذات النون باقية، وهذا من علامات الرسم الموضحة للفرق بين الحكمين.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 10 - 2006, 03:11 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ثم انتقل الناظم، رحمه الله، إلى الكلام عن أحكام النون والميم المشددتين، ولهما حكم واحد فقط، أجمله الناظم، رحمه الله، بقوله:
وغن ميما ثم نونا شددا ******* وسم كلا حرف غنة بدا
فالغنة صفة لازمة لهما مطلقا، إلا أن غنة النون أظهر من غنة الميم، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، في أكثر من موضع، وإذا شددا كان إظهار غنتهما آكد، ومن ذلك:
قوله تعالى: (من الجنة)
وقوله تعالى: (وذا النون)
وقوله تعالى: (إني)
وقوله تعالى: (ثم)
وقوله تعالى: (المزمل)، بتشديد الميم الثانية مع كسرها، فالغنة في الميم الأولى، موجودة، ولكنها أظهر في الميم الثانية لأنها مشددة.
وقوله تعالى: (فأمه). منحة ذي الجلال ص65_66.
ومقدار الغنة، كما سبق، حركتان.
وعلى القارئ أن يحترز عند الإتيان بالغنة في "النون" و "الميم" في نحو:
قوله تعالى: (إن الذين)
وقوله تعالى: (وإما فداء)
لئلا يتولد من ذلك حرف مد، فيصير اللفظ: (إين الذين)، و (وإيما فداء)، وهذا تعسف في القراءة ينتج عنه زيادة في كلام الله عز وجل. . منحة ذي الجلال ص66.
وبعد ذلك انتقل الناظم، رحمه الله، إلى الكلام على أحكام الميم الساكنة، فهي تالية النون الساكنة، لتقارب النون والميم في المخرج والصفات، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فقال:
و"الميم" إن تسكن تجي قبل الهجا ******* لا "ألف لينة" لذي الحجا
فالميم الساكنة تأتي قبل أي حرف من حروف الهجاء، بلا إشكال، ما عدا "الألف اللينة"، لأن الألف اللينة، كما تقدم، هي: ألف ساكنة مفتوح ما قبلها، فلابد أن يكون ما قبلها متحركا، بل ومفتوحا، على وجه الخصوص، وهذا واضح بلا إشكال، لأن الألف يناسبها الفتح، فلا يتصور أن تسبق الألف اللينة، أو ألف المد، بحرف مكسور، لأن الكسر يناسبه الياء، أو حرف مضموم، لأن الضم يناسبه الواو، أو ساكن، لكراهية توالي ساكنين، فإذ جوزنا مجيء الميم الساكنة قبل الألف اللينة، فقد جوزنا توالي ساكنين، ولا قائل بذلك، بل إن هذا مما اجتنبه العرب في لغتهم، واحتالوا لمنع وقوعه بعدة أمور، منها:
تحريك الأول منهما، تحريكا عارضا، إذا كانا بكلمتين، كقوله تعالى: (لم يكن الذين كفروا)، فكسر نون "يكن"، كسر عارض لأن أصلها نون ساكنة، لجزم الفعل بـ: "لم"، وهي متبوعة بألف الوصل الساكنة أيضا في: "الذين"، فساغ تحريك الأول تحريكا عارضا بالكسر لتلافي التقاء الساكنين، وقد أشار الحريري، رحمه الله، في ملحة الإعراب، إلى هذه المسألة بقوله:
وإن تلاه ألف ولام ******* فاكسر وقل: ليقم الغلام
أي إن تلا الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر، (وعلامة جزمه السكون)، ألف ولام، (والألف، هي ألف الوصل، الساكنة، التي تأتي ملازمة للام التعريف دوما، على خلاف يرد تفصيله لاحقا إن شاء الله)، فاكسر آخر حرف من حروف الفعل كراهية التقاء ساكنين، وهما: (آخر حرف من حروف الفعل، وألف الوصل الساكنة)
والله أعلم.
ومنها: حذف أولهما، إن وقعا في كلمة واحدة، وقد وقع هذا في نفس المثال السابق: (لم يكن الذين كفروا)، فأصل الفعل: يكون، فلما جزم، سكن آخره، وما قبله ساكن، أيضا، لأن واو المد، التي يضم ما قبلها، ساكنة دائما، فالتقى ساكنان في كلمة واحدة، فحذف أولهما، وهو الواو، وبقي الآخر وهو النون.
ومن فوائد هذه المسألة: أنه يجب التفريق بين حذف حرف من وسط الكلمة، وبالتحديد من الموضع قبل الأخير، وحذف حرف من آخر الكلمة، فالأول يكون لعلة صرفية، كمنع التقاء ساكنين، كما تقدم، والثاني يكون لعلة إعرابية، كالفعل المضارع المعتل الآخر، فإنه يجزم بحذف آخره، كقولك: لم يخش المؤمن أحدا إلا الله، فحذفت الألف من الفعل: "يخشى"، وبقيت الفتحة في "يخش" دالة عليها، والله أعلم.
¥