لكن هذه العادة الكريمة باتت أشبه بالتقليد الرتيب للمبادر والمدعويين والشيوخ والمنشدين على السواء لأن صدقات كهذه تقام بوتيرة أسبوعية ولأن العرف يقتضي دائماً تقديم أطعمة بعينها فيها ولأن الدرس الذي يلقيه الشيخ مكرر أيضاً ومفاده الإكثار من التصدق بالخرفان والطبيخ ...
حضرت قبل أيام صدقة كهذه لأحد أنسابي كانت بعد صلاة التراويح، أي بعد الإفطار بساعتين تقريباً. قلت له: ما فائدة إطعام شبعانين غادروا المائدة قبل ساعتين؟! وأين وجه التصدق في ذلك والجماعة ما فيها فقير واحد؟! ولم لا تحوِّل الألف يورو التي أنفقتها على هذه الصدقة إلى أسرة فقيرة في المغرب أو فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو غيرها؟ فقال لي: إذا حوّلنا المال ـ وهذا يكون بطريقة غير مرئية ـ لا يرى الناس الصدقات، فتختفي وتموت هذه الفضيلة! فقلت له: يجتمع الناس ويذكرون الله ويطعمون، ولكن ظروف الأمة تغيرت، وتقتضي التغيرات التصدق بالمال لأن في ذلك خيراً كثيراً على فقراء المسلمين. أما إطعام شبعانين ورمي نصف الطعام في الزبالة لأن الشبعان لا يأكل إلا حياءً، فهذا تبذير للنعمة يحاسب عليه لأن فقراء المسلمين بأمس الحاجة إليها!
وأمس سمعت من خطيب الجمعة إنكاراً شديداً على من يخرج زكاة الفطر مالاً يُرسل إلى فقراء المسلمين في أي مكان من ديار المسلمين. قال: تخرج طعاماً أرزاً ودقيقاً وسمناً. فقلت له بعد الخطبة: لمن نعطي الأرز والدقيق والسمن يا عافاك الله وأفقر المسلمين في هذه البلاد يملك دارَيْن ثِنْتَيْن واحدة هنا وأخرى في بلده الأصلي، وراتبه في الشهر ألفا يورو على الأقل؟!
ما فهم الخطيب قصدي، وما فهمتُ قصده، ورأيت الحيرة بادية على وجوه الناس الذين اعتادوا على إخراج زكاة الفطر مالاً ـ خمسة يورو على الرأس ـ يضيفون إليها ما تجود به أنفسهم ويرسلونها بالويسترن يونيون إلى إخوانهم الفقراء في بلادهم الأصلية. افترق الناس مختلفين في شأن زكاة الفطر، شأنهم في ذلك شأن اختلافهم في تحديد بداية شهر الصوم، وبداية العيد، وأوقات الصلاة، وسائر أمور دينهم العادية التي لا يختلف فيها!
إنهم أئمة المساجد الوافدون من بلاد المهاجرين الأصلية، وأكثرهم ما تجاوز عتبة الأبجدية، لا في علم نقلي، ولا في علم عقلي، فكان وجود أكثرهم مثل عدمه، بل أشد خطراً من عدمه، لأن الجماعة التي تفتقر إلى وجود إمام يهديها أقل مصائب من الجماعة التي تبتلى بشيخ يجعلها في حيرة دائمة من أمرها في مسائل ـ مثل زكاة الفطر ـ الحكمةُ في إخراجها مالاً بادية ولا تخفى عن أحد من الجماعة ذاتها، التي لا يعرف أكثر أعضائها القراءة والكتابة بالعربية، وبالتالي لا يطلعون على فتاوى علماء الإسلام ذات الصلة.
عبدالرحمن السليمان.
ـ[اللغوي الفصيح]ــــــــ[22 - 10 - 2006, 01:28 ص]ـ
أستاذنا الكريم سلمت يداك
أنا أقول إن هناك أمورا ثلاثة لا يتورع المسلمون -خاصة- في الكلام عنها ولا يفوتون الفرصة للتقاط أطراف الحديث من المتكلم حتى لو لم يطلب منهم الحديث
هذه الأمور هى: الدين (خصوصا مجال الفتوى) وكرة القدم والسياسة.
بالنسبة للكرة هناك كثيرون لا يحبونها وبالتالى لا يفضلون الحديث عنها
والسياسة هناك كثيرون لا يقربونها خوفا من الحديث فيها ومغباته
أما الكلام في الدين والإفتاء بعلم وبغير علم فلا تجد صغيرا ولا كبيرا ولا رجلا ولا امرأة الا ويجيد التعامل معه ويفتى ويفتي ويفتي
ولو علم هؤلاء جزاء من يفتي بغير علم لما فتح أحدهم فاه إلا للتنفس
ويرحم الله المسلمين ممن يكرهون الناس في تعاليم الاسلام السمحة بتشديدهم ومغالاتهم في الدين،،،،
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[22 - 10 - 2006, 02:03 ص]ـ
سلمك الله أخي الفاضل،
ليس التشدد بلا معنى هوالمسؤول الرئيسي عن ذلك فقط، بل هي عقلية الخوارج والجهل بمقاصد الشريعة السمحة أيضا!
يوجد في بلجيكا مركز إسلامي تشرف عليه رابطة العالم الإسلامي، وفيه أساتذة أصحاب اختصاص، وهنالك لجنة علمية تنسق مع معهد الأرصاد الفلكي البلجيكي، تتكون من علماء أجلاء. قالوا: رمضان يوم الأحد، وأشاعوا ذلك بين المسلمين. فخرج على إجماعهم حوالي عشرة أئمة قالوا: رمضان يوم السبت! وكان من نتيجة ذلك أنك بت تجد في الأسرة الواحدة مَن صام يوم السبت ومَن صام الأحد، ومَن سيعيّد يوم الأحد، ومَن سيعيد يوم الاثنين!
ـ[لخالد]ــــــــ[22 - 10 - 2006, 04:25 م]ـ
السلام عليكم
أريد أن أعود إلى ما ورد في حادثة رشوة الموظف , لأقول:لاحظت أن بعض الوثائق الإدارية يتم استخراجها بعد تحريات سفارة بلد صاحب الطلب بصعوبة و ذلك أمر فيه حكمة أحبذها كي لا يظن الشخص أنه يلهو ,يطلبها اليوم و يندم غذا , يطلبها فتأتيه خلال دقائق ثم يتراجع.
و أنتم تعلمون عدد الأجانب الذين يسلمون كل سنة فقط قصد الزواج من مسلمات ,فلا بد على الأقل اختبار مدى صبرهم , و الزمن و الإحتكاك يظهران ما خفي من أخلاق الإنسان.
أما الموظف المرتشي فله الله.
¥