والذي دفعني للإطلاع على هذا الكتاب أنني كنت قد حققت الحواشي التي وضعها الزمخشري على كتابه المفصل، فاطلعت على شرح الفصيح المنسوب للزمخشري، لعلي أجد فيه ما يفيدني في التحقيق الذي كنت قد انتهيت منه، وما إن اطلعت على الكتاب وتصفحته حتى وجدت نفسي أمام عالم آخر غير الزمخشري، فمصادره غير مصادر الزمخشري وكذلك شيوخه ومصطلحاته.
قرأت شرح الفصيح قراءة متأنية وجمعت من نصوص الكتاب الأدلة التي تنفي نسبة شرح الفصيح إلى الزمخشري، وكتبت بحثاً بعنوان (الجواب الصحيح لمن نسب إلى الزمخشري شرح الفصيح) في مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث: الأول في الأدلة النافية لنسبة شرح الفصيح للزمخشري، والثاني في نقد أدلة المحقق والثالث في إثبات نسبة الكتاب لأبي علي الإستراباذي مع تذييل عن ترجمة شيخ الإستراباذي علي بن مهدي الطبري.
ففي الأدلة النافية لنسبة الشرح للزمخشري، بينت أن الشارح ينص عن الأخذ عن علي بن مهدي الذي أخذ عن ابن الأنباري، ويعد من تلامذة أبي الحسن الأشعري، كما نص الشارح على أخذه من أبي أحمد الحسن بن علي العسكري المتوفي سنة 382هـ، ونص أيضاً على أخذه من أبي طارق، وكل هؤلاء لم يأخذ منهم الزمخشري قطعاً.
وبينت أيضاً اعتماداً على نصوص الكتاب أن كنية الشارح (أبو علي) فهو بعد أن يورد آراء شيوخه يعقب عليها بقوله قال أبو علي، يعني نفسه وأحياناً يقول: قال أبو علي أنشدنا العسكري أبو ابن مهدي، وهذه الكنية ليست للزمخشري قطعاً.
وبينت أيضاً أن الشارح أحال في كتاية إلى كتاب اسمه (تهذيب غريب الحديث) وكتاب آخر اسم المثلث، وليس للزمخشري كتاب التهذيب، كما ليس له كتاب بعنوان المثلث.
وبينت أيضاً أن مصطلحات الشارح النحوية والصرفية مختلفة عن مصطلحات الزمخشري كتسمية الحال قطعاً والمضارع مستفبلاً ومصدر المرة مصدراً مقصوراً والكلمة حرفاً وهاء السكت هاء الاستراحة وغير ذلك.
وبينت أيضاً أن آراء الشارح النحوية والصرفية تختلف عن آراء الزمخشري، كما يختلف منهجه عن منهجه.
وفي المبحث الثاني، نقدت أدلة المحقق، و أقواها كان النصوص المنقولة من هذا الشرح في شرح اللبلي للفصيح، وقد نسب اللبلي هذه النصوص للزمخشري، وبينت أن اللبلي لم يحقق نسبة الشرح الذي نقل منه إلى مؤلفه .. وكذلك نقضت ما ذهب إليه المحقق من أن الكتب التي أحال إليها الشارح هي كتب الزمخشري.
وفي المبحث الثالث بينت أن الشرح لأبي علي الإستراباذي وهو ما دفعه المحقق ولم يأخذ به، مع أنه ذكر أن البغدادي نقل منه نصين في شرح أبيات المغني ونسبه للإستراباذي، لأنه وجد في كشف الظنون أن وفاة الإستراباذي كانت سنة 717هـ، ولم يتنبه المحقق إلى أن صاحب كشف الظنون قد خلط بين أبي علي الحسن بن أحمد الإستراباذي الذي ترجم له ياقوت، وبين الحسن بن محمد الإستراباذي أبو الفضائل ركن الدين شارح الكافية.
وللحديث صلة إن شاء الله.
ـ[حذيفة]ــــــــ[15 - 12 - 2006, 08:38 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله في السائل و المسؤول و الشاهدة، ما أطيب اللقاء برجال من هذا الصنف!!
ـ[معالي]ــــــــ[21 - 12 - 2006, 10:00 ص]ـ
ما أمتع هذا السرد وأنفعه!
بانتظار مواصلتكم شيخنا الفاضل.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 12 - 2006, 07:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
نشرت الجواب الصحيح في العدد الأول من المجلد العشرين من مجلة عالم الكبت، وصدر في هذا العدد نفسه بحث للدكتور محمد أحمد الدالي الأستاذ بجامعة دمشق بعنوان (شرح الفصيح المنسوب للزمخشري تحقيق نسبته ونظرات فيه) شكك فيه بهذه النسبة .. فكانت مصادفة عجيبة ..
بادر محقق الكتاب، فنشر ردا في العدد الثاني من المجلد العشرين من مجلة عالم الكتب رغبة منه- بزعمه – في تحقيق ما طلبه منه أستاذه القدير، وهو ردّ أعرضت عن الرد عليه بمثله احتسابا لا عجزا، فكتبت تكملة للجواب الصحيح سميته (تكملة الجواب الصحيح و تبرئة الرأي النجيح في نسبة شرح الفصيح) دفعت عن نفسي فيه التهم التي اتهمني بها المحقق، وهي:
عدم الالتزام بالمنهج العلمي.
والتقول والمغالطة.
وعدم تقدير العلماء الأولين.
¥