ـ[عطية زاهدة]ــــــــ[11 - 11 - 2006, 02:41 م]ـ
ويستوردُ الفتاوى
وقام الأستاذُ المرحومُ ظبيانُ بالاتصالِ بِقَساوِسةٍ ورجالٍ مِنْ أهلِ الكتابِ، وهو اتصالٌ مِنْ أجْلِ الحصولِ على تفسيرٍ لقصةِ الفتيةِ، حتَّى وصلَ بهِ الأمرُ للسفرِ إلى دمشقَ لسؤالِ مُطْرانِ السريانِ عَنْهم (ص29، ص130).
صِدْقاً، إنَّ الاتصالَ بأهلِ الكتابِ، ابتغاءَ جلبِ معلوماتٍ عَنْ فتيةِ الكهفِ، هُوَ: أمرٌ منهيٌّ عنهُ في قصتِهم نفسِها: "فلا تُمارِ فيهم إلاّ مِراءً ظاهراً ولا تستفتِ فيهم منهم أحداً".
وحاولَ ظبيانُ أنْ يعتمدَ على ثلاثِ رواياتٍ إسلاميّةٍ، وهو يجبرُها إجباراً أنْ تدلَّ على أنَّ الكهفَ موجودٌ في الرجيبِ، قربَ عمّانَ (ص47).
ولا ينتبهُ أن الروايةَ المنسوبةَ لابنِ عباسٍ تتحدثُ عَنْ ذهابِ عظامِ الفتيةِ. وعلى النقيضِ مِنْ روايةِ ابنِ عبّاسٍ، فإنَّ روايةً ثانيةً تحدثتْ عَنْ أجسامٍ كاملةٍ غيرِ باليةٍ، وليسَ عَنْ جماجمَ فقط.
خيبة الحساب
ذهبَ ظبيانُ إلى أنَّ الفتيةَ هربوا في عهدِ دقيانوسَ، وهوَ عندَهُ نفسُ دِسيوسَ: (249 - 252م) {ص33}.
أجلْ، فدسيوسُ ليسَ دقيانوسَ، والأخيرُ قد حكمَ في الفترة بينَ (284م-305م).
وينسى ظبيانُ أنَّهُ قدْ ذهبَ إلى هربِ الفتيةِ في عهدِ تَراجانَ: (98م-117م) {ص34}، ويُجَدِّدُ التذكيرَ بأنَّ "دسيوسَ" هوَ: الحاكمُ الذي يرتبطُ اسمُهُ بِهربِ "نُوَّامِ أفسوسَ السبعةِ"، ولكنَّهُ يَزُجُّ باسمِهِ جاذباً أفسوسَ إلى جِوارِ عمّانَ.
المعجزة!
ورغْمَ تهافتِ القولِ بالرجيبِ، موضعاً لكهفِ أهلِ الكهفِ، فإنَّ ظبيانَ قد اعتبرَ نفسَهُ صاحبَ أهمِّ اكتشافٍ أثريٍّ، وتاريخيٍّ، في القرنِ العشرينَ؛ وقدْ جاءَ ذلكَ على غلافِ كتابِهِ، بلْ ويشيرُ عنوانُ الكتابِ نفسُهُ إلى اعتقادِهِ أنَّ كشفَهُ هوَ: إظهارٌ للمعجزةِ القرآنيّةِ الكبرى.
حقّاً، إنَّ ظبيانَ لم يكنْ صاحبَ أيِّ اكتشافٍ؛ فالقولُ بأنَّ الكهفَ موجودٌ بالرجيبِ، يعودُ إلى عهدِ الخلفاءِ الراشدينَ؛ ثُمَّ إنَّ ظبيانَ قد ذهبَ إلى هذا القولِ منطلقاً مِنْ ملاحظاتِ المستشرقِ "كليرمونت جانو" من العام 1868 (ص50). والأهمُّ مِنْ هذا وذاكَ، هوَ أنَّ ظبيانَ يذكر أنَّه ذهبَ عامَ "1953 م" يبحثُ عَنِ الكهفِ، فما دلَّهُ عليهِ إلاّ الرُّعاةُ (ص 39) إذْ سألَهم عنْ مكانِ كهفِ أهلِ الكهفِ. وفي موضعٍ آخرَ يعترفُ المرحومُ ظبيانُ أنَّ الأستاذ "محمود العابدي"، هُوَ: المؤرِّخُ الذي أرشدَهُ إلى موضعِ الكهفِ (ص5).
سألَ الرعاةَ عن كهفِ أهلِ الكهفِ فدلّوهُ عليهِ. فأيُّ اكتشافٍ ذلكَ الذي قامَ بِهِ؟ .. فإذا كانَ الرُّعاةُ قد دلُّوهُ على "كهفِ أهلِ الكهفِ"، فكيفَ كان مكتشفاً للكهفِ؟
كهف الرجيب يرفض
ولا ريْبَ أنَّ زيارةً واحدةً لكهف الرجيبِ تكفي كلَّ ذي لبٍّ لأنْ يدركَ بأنَّ هذا الكهفَ نفسَهُ يرفضُ أنْ يكونَ الكهفَ الموصوفَ في قصةِ "أصحاب الكهف والرقيم".
1 - فهو كهفٌ محفورٌ لِيكونَ "قبراً امبراطوريّا" ملحقاً بالقصرِ المتصل بهِ. فالحفرُ حفرٌ هندسيٌّ من الواضحِ أنَّهُ قد تمَّ على أيدي "نقّاشين" مهرةٍ محترفين. فكلُّهُ، أرضهُ وجوانبُهُ وسقفُهُ، منقوشٌ في الصخرِ نقشاً هندسيّاً وفْقَ مقاساتٍ دقيقةٍ وبأدواتٍ دقيقةٍ.
2 - هندسةُ الكهفِ وفنّيّةُ حفرِهِ يعنيانِ أنَّهُ لم يكنْ سرّيّاً، ولا لتشكيلٍ مخبأٍ لهاربينَ. فمثلُ هذا العملِ لا بدَّ قد قامَ بهِ بضعةٌ من النقّاشينِ على فترةِ سنينَ.
3 - القبورُ في الكهفِ موجودةٌ في قبويْنِ في الردهة الأولى، وهي فقط ستةُ قبورٍ، ثلاثةٌ في القبوِ الأيمن وثلاثةٌ في القبوِ الأيسر. وهيَ قبور محفورةٌ بشكلٍ هندسيٍّ متقنٍ. قبرانِ في كلِّ قبوٍ باتجاهٍ شرق-غرب بينهما ممرٌّ بعرض متر تقريباً، وقبرٌ في آخر هذا الممرِّ باتجاه شمال- جنوب معامدٌ للآخريْنِ.
4 - الفتحة التي في ظهر الكهف لا تفضي إلى أرضِ الكهف بل هيَ مفضيةٌ إلى "روزنة" جانبيّةٍ في الجهة الشرقيةِ من الردهةِ الداخليّةِ من الكهف.
5 - في صخرِ كلٍّ من جانبيْ بابِ الكهفِ زخارفُ محفورةٌ بنقشٍ فنّيٍّ متقنٍ، عمرُها من عمرِ حفرِ الكهفِ نفسِهِ.
6 - الكهف وبقايا القصر من فوقِهِ كلُّها من عمرٍ واحدٍ. فليسَ هناك فرقُ ثلاثةِ قرونٍ، أو أربعةِ قرونٍ، بينَ نقشِ الكهفِ وبناءِ القصر.
¥