ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:42 ص]ـ
غير ميعاد فيبايعونه ويُنصّبونه خليفة للمسلمين وهو كاره لذلك، وفي وقت تكون فيه الأُمة على غير إمام، ولا يتعارض هذا مع الحديث المختلف على صحته من أنه-رضي الله عنه- يظهر بعد موت خليفة.
أمّا اصطدام هذه الدعوى مع الواقع: فذلك أنه حينما قتل التتارُ خليفة المسلمين في العراق (المستعصم بالله)، بقيت الأُمة من غير خليفة لأكثر من ثلاثة أعوام على ما جاء في التاريخ، ولم يثبت أنّ الأُمة أنشأت حزباً أو أحزاباً لذلك، وإنما الذي حصل بالفعل هو أنّ علماء ذلك العصر وأهل الحل والعقد فيه هم الذين نصّبوا عليهم المستنصر بالله خليفة لهم في مصر.
وعليه لو قيل بأنّ قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) إنما تنطبق على إيجاد أهل الحل والعقد في الأُمة، لما جانب الصواب، لأنِّ مِنَ المتفق عليه أنّ الخلافة لا تنعقد لأحد إلا ببيعتهم له ولو كان مغتصباً لها.
أمّا بالنسبة للاحتجاج بأنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قد أقام حزباً لدعوته وهو في مكة.
فالجواب عليه من عدة جوانب أيضا:
أولا: لم يثبت أنّ النبي-صلى الله عليه وسلم- أنشأ حزباً ثم بعد ذلك حمل الدعوة لا بمفهومه اليوم ولا بغير ذلك، بل الثابت عكسه تماماً، فقد بدأ بحمل الدعوة والإسلام أولاً وبمفرده، مما يعني أنّ الدعوة إلى الله أهم من إنشاء الحزب، ويعني أيضاً أنه يمكن حملها بدونه، وهذا يتفق مع قوله تعالى (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) ولم يقل أقيموا أحزاباً.
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:43 ص]ـ
ثانيا: على فرض أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- أقام حزباً على اعتبار قول بعض الصحابة -رضي الله عنهم- عند الوفاة (غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه) غير أنه لا توجد فيه أية قرينة تدل على الوجوب أو الحصر، سيما وأنه -صلى الله عليه وسلم- قام بأعمال كثيرة، منها المباح ومنها المندوب ومنها الفرض، فلا بد من قرينة شرعية تصرفه إلى إحدى هذه الوجوه، وإلا كان كواقعة الحال لا عموم فيه فلا يقاس عليه.
ثم لو كان إيجاد الحزب في الأُمة فرضاً لأمرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بإيجاده وعدم تركه، ولكنّ العكس هو الذي حصل كما في الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه- جاء فيه (عليك بجماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) وفي رواية ابن أبي شيبة في مُصنّفه (فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة فالزمه، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فإن لم تر خليفة، فاهرب حتى يدركك الموت وأنت عاض على جذل شجرة) فلم يأمره بإنشاء حزب لا لإقامة دولة ولا لغيره.
ثالثا: إنّ العجب من أصحاب هذه الدعوى (الدولة لا تقوم إلا بحزب) إنهم طيلة أكثر من خمسين عاماً خلت وهم يقولون في نشراتهم وإصداراتهم: إنّ الصحابة لم يكونوا مكلّفين بحمل الدعوة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في العهد المكي وإنما حملوها بعد إقامة الدولة في المدينة، وقولهم هذا
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:44 ص]ـ
يعني أنّ الدولة إنما أقامها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحده بمفرده، وهذا كاف للرد على دعواهم وإبطالها.
وعلى ما تقدم ذكره في موضوع مشروعية الأحزاب في الأُمة الإسلامية، فإنّ أكثر ما يمكن قوله فيها: إنه لا يعدو كونها مباحاً من المباحات أو مندوباً من المندوبات، هذا إنْ سَلِمَت من العيوب والنقائص وإذا لم يؤد وجودها إلى الحرام، فلا يصل حكمها إلى حد الوجوب أو الفرض أبداً.
غير أننا في أنصار العمل الإسلامي الموحد وانطلاقاً من غايتنا وهدفنا وهو توحيد الأُمة بكل أحزابها وجماعاتها على لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلى ما انبثق عنها من قضايا مصيرية مشتركة، تمهيداً للوصول إلى واسطة العقد وهو الخليفة المنتظر، فإننا نتعامل مع هذه الأحزاب والجماعات على اعتبار وجودها في الأُمة أمراً واقعاً، فنقول لهم بأنه لا يمكن لأي حزب بمفرده إقامة الخلافة الإسلامية الفريضة الضائعة ولو ادّعى ذلك، لأنّ القدرة والكفاية لم تتحقق ولا في أي حزب من الأحزاب أو الجماعات الموجودة في عالم المسلمين اليوم، إذ لو توفرت القدرة والكفاية وتحققت في أي منها ثم هو لا يقيم الخلافة إلا كان من الآثمين المتخاذلين، ولا نظن أحداً منهم يَزعم ذلك ثم هو لا يقيمها إلا كان من الكاذبين على الأُمة وعلى أتباعه، ثم عدم توفر القدرة والكفاية والإجزاء ليس فقط في وجود المخالفات الشرعية لدى أي منها، بل أيضاً عدم ثقة الأُمة بمجموعها بأي حزب منها منفرداً، فكيف به إذا رفض العمل مع بقية الجماعات والأحزاب ونادى بالطبقية، فهو بلا شك
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 10:45 ص]ـ
يفقدها، ثم أيضاً وجود الاختلافات والنزاعات والفرقة فيما بينهم، كل ذلك يفقدهم القدرة والكفاية والإجزاء حتى ولو كانوا مجتمعين، فلو تدبروا معنى الكفاية والإجزاء لعلموا أنه لا يمكن لأي منهم منفرداً أن يقيم الخلافة في الأرض، ولو تدبروا معنى أن يكونوا جميعاً يداً واحدة على من سواهم ولو في القواسم المشتركة المصيرية والأساسية، لعلموا أنّ النقص أو الضعف أو عدم القدرة في هذا الحزب سَيُكمله الحزب الآخر أو الجماعة الأُخرى وهكذا، وصدق الله العظيم حيث قال (وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه).
وقد وجهنا إلى الأحزاب والجماعات وإلى العلماء في الأُمة عدة نداءات حول الأفكار الوحدوية لعلهم يستخلصون منها العبر فيُقدمون على العمل الوحدوي لتخليص أُمّتهم من براثن الكافر المستعمر الفكرية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، ولإعادة العزة والهيبة التي فقدتها مُنذ قُرابة قرن من الزمن.
وإليكم بعضها وأهمها لهذه العُجالة:
¥