تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الإِمَامُ = لاَ يَنْبَغِي لِمَنْ لَهُ إِسْلاَمُ

أَخْذٌ بِأَقْوَالِيَ حَتَّى تُعْرَضَا = عَلَى الْكِتَابِ وَالْحَدِيْثِ الْمُرْتَضَى

وَمَالِكٌ إِمَامُ دَارِ الْهِجْرَةِ = قَالَ وَقَدْ أَشَارَ نَحْوَ الْحُجْرَةِ

كُلُّ كَلاَمٍ مِنْهُ ذُو قَبُولِ = وَمِنْهُ مَرْدُودٌ سِوَى الرَّسُولِ

وَالشَّافِعِيُّ قَالَ: إِنْ رَأَيْتُمُ = قَوْلِي مُخَالِفًا لِمَا رَوَيْتُمُ

مِنَ الْحَدِيثِ فَاضْرِبُوا الجِدَارَا = بِقَوْلِيَ الْمُخَالِفِ الأَخْبَارَا

وَأَحْمَدٌ قَالَ لَهُمْ لاَ تَكْتُبُوا = مَا قُلْتُهُ، بَلْ أَصْلُ ذَلِكَ اطْلُبُوا

فَاسْمَعْ مَقَالاَتِ الْهُدَاةِ الأَرْبَعَهْ = وَاعْمَلْ بِهَا فَإِنَّ فِيهَا مَنْفَعَهْ

لِقَمْعِهَا لِكُلِّ ذِي تَعَصُّبِ = وَالْمُنْصِفُونَ يَكْتَفُونَ بِالنَّبِيْ

المسألة الرابعة: الاعتِناء بالمعتَمَد من كتب المذاهب، والتنبُّه إلى تصرُّف بعض المتأخِّرين واجتهاداتهم ممَّا يُخالِف أصحاب المذهب أصلاً؛ قال ابن القيِّم - رحمه الله - في ذمِّ ما أحدَثَه المتأخِّرون من الحِيَل: "والمتأخِّرون أحدَثُوا حِيَلاً لم يصحَّ القول بها من الأئمَّة، ونسَبُوها إلى الأئمَّة وهم مُخطِئون في نسبتها إليهِم، ولهم مع الأئمَّة موقفٌ بين يدي الله - عزَّ وجلَّ".

ثم قال: " ... فكثيرًا ما يُحكَى عن الأئمَّة ما لا حقيقةَ له، وكثيرٌ من المسائل يخرِّجها بعض الأتباع على قاعدةٍ متبوعة، مع أنَّ ذلك الإمام لو رأَى أنها تُفضِي إلى ذلك لما التزَمَها" ([25])

وممَّا ينبَغِي على المتفقِّه أن يقرأ هذه الكتب المعتَمَدة على شيخٍ مُتقِن، وقد قيل: "مَن كان شيخه كتابه، كان غلطه أكثر من صوابه".

المسألة الخامسة: الحذَر من تتبُّع رُخَص ونَوادِر وزَلاَّت العُلَماء من كتبهم وأقوالهم، فليس هذا من هدي السَّلَف، وقد نقَل غير واحدٍ من العُلَماء الإجماعَ على تحريم ذلك، حكَى الإجماعَ ابنُ حزم، وابنُ عبدالبر، وأبو الوليد الباجي، وابن الصلاح الشافعي، وابن النجار الحنبلي.

قال ابن القيِّم: "ومن المعلوم أنَّ المخوف في زلَّة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخفْ من زلَّة العالِم على غيره، فإذا عرف أنها زلَّة لم يجز له أن يتبعه فيها باتِّفاق المسلمين، فإنَّه اتِّباع للخطأ على عمد" ([26]).

وقال الذهبي - رحمه الله -: "مَن تتبَّع رُخَصَ المذاهب وزلاَّت المجتَهِدين، فقد رَقَّ دينُه" ([27]).

وقال سليمان التيمي: "لو أخَذت برخصةِ كلِّ عالِم، اجتَمَع فيك الشرُّ كلُّه" ([28])، وتحذير السَّلَف في هذا الباب بيِّنٌ ظاهِر لا يخفى، فراجِعْهُ ([29]).

ونسأل الله أن يخلص نيَّاتنا وأعمالنا، وأن يجعَلَنا ممَّن يَعمَل بهدي الكتاب والسنَّة، وممَّن يتَّبِع سنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأن يحشُرَنا في زمرته، ويمنَّ علينا بمرافقته في الفردوس الأعلى من الجنَّة، وأن ينفع بهذا البحث إخواننا من طلاب العلم جميعاً ([30]) إنَّه سميع مجيب، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فَانظُرْ إليها نَظَرَ المُستَحسِنِ وأحسِنِ الظَّنَّ بها وحَسِّنِ

وإنْ تَجِدْ عَيبًا فَسُدَّ الخَلَلا فَجَلَّ مَنْ لا فيهِ عَيبٌ وَعَلا ([31])

([1]) رواه البيهقي (10/ 209) بلفظ: ((يرثُ هذا العلم ... ))، وابن وضَّاح في "التحذير من البِدَع" باب اتِّقاء البِدَع من حديث عبدالرحمن العذري، وقد ضعَّفه جمعٌ من أهل العلم؛ كالدارقطني وغيره، وعلَّق الذهبي على رواية البيهقي بأنَّ سنَدَها مُنقَطِع، وحكَم عليه الإمام أحمد بالصحَّة، والحديث له شواهد، راجِع: "التمهيد"؛ لابن عبدالبر (1/ 47).

([2]) رواه الترمذي من حديث أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت، وفي الباب عن ابن مسعود ومعاذ وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأنس، ويشهَد لمعنى الحديث ما رواه البخاري في صحيحه برقم (67) كتاب العلم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم"رب مبلغ أوعى من سامع"من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (( .. ليبلِّغ الشاهد الغائب، فإنَّ الشاهد عسى أن يبلِّغ مَن هو أوعى له منه)).

([3]) راجع جامع الشروح والحواشي لعبدالله الحبشي 3ج وكشف الظنون لحاجي خليفة.

([4]) "الطرق الحكمية" (2/ 608).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير