تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالمعروف أو التسريح بالإحسان، فهو شرطٌ شرعي، ومن مقتضيات عقد النكاح. كذلك أيضاً من الشروط المشروعة التي يلزم الوفاء بها: أن يتضمن الشرط جلب مصلحةٍ أو درء مفسدة، لا يعارض كل منهما شرع الله، فتشترط المرأة أو يشترط الزوج مصلحةً دينيةً أو دنيوية، ويشترط ولي المرأة مصلحةً دينية أو دنيوية، وهذه المصلحة التي يشترطها كل منهما لا تتعارض مع الشرع، بل قد تتفق معه، فالمصلحة تنقسم إلى قسمين: إما أن يشترط مصلحةً دينية، وإما أن يشترط مصلحةً دنيوية. قد يشترط ولي المرأة مصلحةً دينية، كأن تقول موليته له: اشترط أن يكون زوجي ديناً، أو عالماً، أو طالب علمٍ، أو حافظاً لكتاب الله، أو خطيباً، أو إماماً، أو نحو ذلك من الأوصاف التي هي كمالٌ في الدين، وكمالٌ في الطاعة والالتزام، فهذا شرطٌ ديني، والرجل أيضاً يشترطه على المرأة، فيقول لوليها: أشترط أن تكون حافظة لكتاب الله، أو تكون طالبة علم، أو نحو ذلك مما هو من كمالات الدين. هذا الشرط وهو اشتراط المصلحة الدينية الكاملة، أفضل شرط وأحب شرطٍ إلى الله عز وجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فخاطب الزوج أن يبحث عن صاحبة الدين، وخاطب أولياء المرأة فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه) فهذا الشرط وهو اشتراط المصلحة الدينية الكاملة، هو أفضل الشروط، وأحبها إلى الله عز وجل. أما المصلحة الدنيوية المحضة، مثل أن يشترط الرجل أو تشترط المرأة مالاً أو مصلحةً مالية، كأن يشترط ولي المرأة أن يكون الزوج تاجراً، أو موظفاً، أو له مهنة معينة، فهذه مصالح دنيوية. فإذا اشترط الزوجان، أو اشترط أحدهما مثل هذه الشروط التي لا تخالف شرع الله في جلب المصالح فإنه يجب الوفاء بها، وحينئذٍ يلزم ولي المرأة ما التزمه من الشرط في العقد، وعلى هذا فلو دخل على المرأة، فلم يجدها حافظةً لكتاب الله، كان له الخيار، أي: أن له خيار الفسخ؛ لأن المسلمين على شروطهم، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلمون على شروطهم)، وفائدة الاشتراط، ثبوت الخيار. كذلك أيضاً يشترط درء المفسدة عن نفسه، فيشترط ألا تكون فيها مفسدة دينية، كأن لا تكون فاسقة، وتشترط المرأة على وليها أن يشترط على الزوج ألا يكون فاسقاً، وقد تشترط درء مفسدةٍ دنيوية، كأن لا يكون عصبياً، أو مريضاً في نفسه، أو بدنه، أو نحو ذلك من العاهات التي تشترط عدم وجودها في الزوج، أو يشترطها الزوج ألا توجد في المرأة. مثل هذه الشروط التي تجلب بها المصالح وتدرأ بها المفاسد وتكون موافقة للشرع، يلزم الوفاء بها، وعلى ولي المرأة أن يوفي بها للزوج، وعلى الزوج أن يوفي بها لولي المرأة، لكن اختلف العلماء في شروطٍ فيها جلب مصالح أو درء مفاسد يشترطها أحد المتعاقدين على الآخر، هل هي من النوع الأول، أو من النوع الثاني. ومن أشهر ما اختلفوا فيه أن تشترط المرأة على زوجها ألا يخرجها عن والديها، ألا يخرجها من مدينتها، أو ألا يسافر بها، أو تشترط عليه ألا يتزوج عليها، أو ألا تكون عنده زوجة، فمثل هذه الشروط اختلف العلماء رحمهم الله فيها، هل هي مشروعة؟ أو ليست بمشروعة؟ وسيأتي الكلام عليها في القسم الثالث من الشروط.

الأسئلة

السؤال: أثابكم الله، فضيلة الشيخ .. هذا سائلٌ يقول: هل يعدُّ امتناع الولد عن إعطاء والده من المال الذي يجمعه لحاجة ضرورية، خاصةً إذا كان والده ليس في حاجةٍ ضرورية، وإنما لإيجاد كماليات؟ هل يعد هذا من العقوق؟

الجواب: إذا كان الوالد يسأل الولد المال، فإن الله عز وجل يبتلي الولد بهذا السؤال، وإذا أراد الولد أن يبارك الله له في ماله، وأن يبارك له في حاله، فليبر والديه، وليعلم أن الدنيا أهون من أن تكون أعز عليه من والده، وأن لوالده من الفضل والإحسان والبر ما لا يستطيع أن يكافأ إلا بالدعاء، وسؤال الله عز وجل أن يرد جميله وفضله عليه، فالدنيا أهون من أن تكون أعز عليك من والدك ووالدتك، بل على الولد أن يبادر، والله عز وجل يبتلي كل مؤمن على قدر ماله، فإذا كمل التزامه وطاعته لله عز وجل، ابتلاه بمثل هذه المواقف. ذكروا عن رجلٍ أنه كان من أبر الناس بوالده، جمع مالاً من أجل الزواج، فجمع اثني عشر ألفاً وهو في أشد ما يكون حاجةً إليها، يقول: ففوجئت في يوم من الأيام وإذا بالوالد في ضائقة، وجاءه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير