15. تخول الناس بالموعظة:فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (حدّث الناس كل جمعة مرة،فإن أبيت فمرتين فإن أكثرت فثلاث مرات،ولا تملّ الناس هذا القرآن،ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقطع عليهم حديثهم فتملهم،ولكن أنصت فإن أمروك فحدثهم وهم يشتهون) وعن ابن مسعود: "حدّث القوم ما حدوك بأبصارهم وأقبلت عليك قلوبهم،فإذا انصرفت عنك قلوبهم فلا تحدثهم ".
16. لا تكن فظاً غليظاً:
(ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) (إن الله يحب الرفق في الأمر كله)،فعلى الداعية استمالة القلوب وهدايتها، فالناس بحاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم.
17. لا تنتظر مجيء الناس إليك: فشأن الداعية أن يحتك بالناس ويتعرف عليهم،ويزورهم في مجالسهم ومنتدياتهم،يقول أ. محمد الراشد "ومن انتظر مجيء الناس إليه في مسجده أو بيته فإن الأيام تبقيه وحيداً،ويتعلم فن التثاؤب"، وينبغي أن يعلم الداعية أن مخالطة الناس وحضور مجالسهم لا ينسيه أنه لا يجوز للداعية السكوت عن المنكرات الموجودة بل لابد من البيان والإنكار، قال تعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. .)
18. لا تخف من الفشل:فمالم يزج الداعية بنفسه في غمار دعوته بدون الخوف من الفشل غير عابيء بم يوجه له من النقد،فإنه لن يتقدم ولن يصل إلى دفة التوجيه والتغيير، ولا تنس أن الفرق بين الداعية وغيره من الناس أن الله يحتسب للداعية أجر عمله ولو كانت النهاية فاشلة بالمقياس البشري.
19. إياك والاستعجال المذموم:يقول صلى الله عليه وسلم: (التأني من الله والعجلة من الشيطان)، فقد يقع الداعية الجديد في استعجال أمر فيجد عاقبة يندم عليها مدى الحياة،ومن صور ذلك استعجال الداعية تحول الناس عن معاصيهم،أو استعجالهم في نقل الأخبار المغلوطة،أو استعجاله في تخطئة الدعاة والعلماء والمربين،والأخطر استعجال الداعية في البروز للناس والتكلم بينهم فيما لا يحسنه.
20. لتكن دعوتك شمولية:وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام: " وكل ما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب،من باطن وظاهر فمن الدعوة إلى الله الأمر به، وكل ما أبغضه الله ورسوله من باطن وظاهر فمن الدعوة إلى الله النهي عنه "، وهذا يوضح أن موضوع الدعوة هو الإسلام كله عقيدة وشرعاً وأخلاقاً ومعاملة، وأن المدعوين هم جميع الناس كل بحسبه.
21. إياك والفوضوية:بعض الدعاة المتحمسين يبذلون جهوداً في مجالات عديدة، ويضربون في كل وادٍ بسهم إلا أن هذه الجهود تثمر ثماراً هزيلة، وسبب ذلك الفوضوية الدعوية، لذا يقال للداعية: عليك بتنظيم طريقتك الدعوية ومعرفة الأولويات، ومن صور الفوضوية: الفوضوية في طلب العلم الشرعي،أو في التعامل مع الأنشطة الدعوية , في ترتيب الأولويات والموازنة بين الواجبات، أو غير ذلك من الصور.
22. لا تنس استشارة أهل الخبرة والعلم:يتناسى بعض الدعاة وهم في بداية الطريق أن الدعوة إلى الله وسيلة تتعلق بأطراف كثيرة وتحتاج إلى خبرات عديدة،ولذا إذا خاضوا غمار مخالطة المدعويين تبين لهم أمور تحتاج إلى اتخاذ مواقف وتقديم أولويات وتقدير المصالح من المفاسد،وهذا كله يعني حاجة هؤلاء الداعة إلى استشارة أهل الخبرة والعلم ليصلوا إلى أحسن النتائج،ولعل من أسباب تجاهل الاستشارة تصور بعض الدعاة أنه أدرك الأمر من جميع الزوايا وهو لا يدري أنه علم أشياء وفاته أخرى.
23. أدومه وإن قل:ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه)، وكان هديه صلى الله عليه وسلم المداومة على العمل، ألا يمكن للدعاة إلى الله أن يستضيئوا في دعوتهم بمعاني هذا الحديث ويتمثلوها،فالدعوة إلى الله من أفضل الأعمال،فينبغي أن تسلك هذا المسلك،فالمداومة في الدعوة تعني معاني عديدة منها:
أن تكون للدعوة عموماً أهداف واضحة محددة، وأن لا تكون الدعوة مجرد ردود فعل لمواقف معينة،وأن لا تكون الدعوة دعوة مناسبات ومواسم أو محصورة بأوقات فراغ الداعية،كذلك لزوم الداعية موقعه والمحافظة عليه،ذلك انه تبدو أمامه في كل وقت مجالات وفرص متعددة،فينبغي أن يحافظ على مكانه ولا يجاوزه إلا لمصلحة ظاهرة، أما أولئك الذين يتنقلون كل يوم في ميدان إلى آخر فما أقل انتاجهم،كذلك عدم احتقار الميادين المهمة التي لها أثر عميق لكنه غير عاجل الثمرة، كميادين التربية والبناء،فالذي يعي مفهوم المداومة يرى أنه ليس بالضرورة أن تكون الأعمال ذات الأثر العاجل السريع خيراً منها وأولى.
24. إياك وحب الرئاسة:فإن الداعية إذا حرص على العلو على الآخرين فبذل الغالي والرخيص ليصل على إدارة مجموعة أو ترؤس لجنة خيرية أو غيره فإنه يوقعه في مفاسد عديدة: كضياع الإخلاص واتباع الهوى وغيره، ومن صور ذلك: حب الإمامة والخطابة ليبرز أمام الناس و كذا حب التدريس والتأليف ليشتهر، وكثرة مدح النفس وذكر الفضائل.
تم بحمد الله تعالى
*ملخصاً من كتاب "وصايا للداعية الجديد" للشيخ عادل العبدالعالي