تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يمكن القول بأن (الانحراف) يمثل مع مفهوم (الاختيار) العماد الرئيسي للسياق الكلي للنظرية الأسلوبية، كما أنه يمثل السمة المميزة للغة الأدبية. و (الانحراف) يُعدّ مؤشراً نصياً على أدبية النص، ذلك أن الخروج على النسيج اللغوي العادي في أي مستوى من مستوياته (الصوتية والتركيبية والأسلوبية والبلاغية) يمثل في حد ذاته حدثاً أسلوبياً ().

ويرتبط (الانحراف) بالنص الذي هو أيضاً انحراف عن قاعدة ما، أو عن نموذج (معياري). وعلى هذا فإنه يجدر بنا التنبه إلى كون اللغة في مستواها المعياري هي الأصل، وما جاء (انحرافاً) عن هذا الأصل هو المستوى الفني، أي (النص المنحرف) وهذا هو جوهر الإبداع عامة.

هذا وقد عُرِفَ الانحراف في تراثنا العربي تحت مسميات أُخَر منها (العدول) و (الصرف) و (الانصراف) و (مخالفة مقتضى الظاهر)، وتعددت تعريفات أهل التراث له بما يخدم المصطلح في تكويناته الحديثة الآن ().

المفهوم الثالث: المتلقي = القارئ Reader

يستند تحليل النصوص إلى فعل (القراءة) الذي يقوم به (قارئ) خاص. فالقراءة هي الخطوة الأولى في العملية النقدية التي تحيل النص إلى معنى. ولذلك فإن مهمة القارئ (المتلقي) لا تُحَدَّد فقط في التلقي الآلي للنص الأدبي، بل في تمثله نقدياً، وإخضاعه لمعايير التحليل المختلفة وصولاً إلى مكنوناته الثرية (). وقد تزايد الاهتمام بالمتلقي خاصة في ظل المدارس النقدية الحديثة مثل: (السيميائية، والتفكيكية، و نظرية التلقي، ونظرية استجابة القارئ، والأسلوبية) ().

أنواع القرَّاء:

هناك نوعان من القراء يختلفان حسب موقعهما من تقبل (النص) هما ():

الأول: القارئ الحقيقي؛ وهو ذلك القارئ الذي يكتفي بتلقي النص على ما هو عليه دون أن يستثير النص، أو يثّوِّره.

والنوع الثاني: القارئ الخاص؛ وهو ذلك القارئ الذي يخلق النص من جديد عبر إقامة الحوار المستمر معه، ومعاودة النظر فيه مرة بعد أخرى، وهو ما يمكن تسميته بالقارئ النصي. ويمكن للقارئ الحقيقي أن يتحول إلى قارئ نصي بتفعيل تقبله السلبي وتحويله إلى انفعال حقيقي بمستوى التلقي التفاعلي بين (القارئ) و (النص) ومن ثم (المبدع) ().

المفهوم الرابع: السياق Context ( )

السياق هو القاعدة الداخلية التي ينحرف عنها الأسلوب، إذ تحدد أي ظاهرة أسلوبية بكونها خروجاً أو تحولاً عن النمط السائد في السياق. ويمكن تحديد هذه الظاهرة الأسلوبية في نص ما بموضوعية عن طرق رصد نقاط التحول في مسار السياق فيه ().

والسياق الأسلوبي نموذج لغوي يساعد على كشف ظواهر النص، وذلك لأنه لا يمكن أن نعول على استجابة القارئ للنص وحدها في مسألة الكشف النصي.

وتأتي أهمية السياق من خلال الدور الذي يؤديه في فهم المعنى، ذلك أن الكلمة تكتسب مدلولها من السياق، وتتغير هذه الدلالة بتغيره، وإذن كان هذا لا ينفي وجود دلالات للكلمة المفردة لو خلت منها لبطلت وظيفتها في السياق، ومن ثم يأتي السياق ليحدد احد تلك الوظائف الدلالية للكلمة ().

الهوامش:

1. - د. شكري عياد، اتجاهات البحث الأسلوبي، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، 1985، 5.

2. - د. أحمد درويش، دراسة الأسلوب بين المعاصرة والتراث، مكتبة الزهراء، القاهرة، 1986، 156.

3. - ينظر: د. فتح الله سليمان، الأسلوبية مدخل نظري دراسة تطبيقية، الدار الفنية للنشر والتوزيع، القاهرة، 1993، 34.- د. محمد عبد المطلب، البلاغة والأسلوبية، لونجمان، القاهرة، 1994، 13.

- د. شفيع السيد، الاتجاه الأسلوبي في النقد الأدبي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1986، 132.

- د. صلاح فضل، علم الأسلوب؛ مبادئه وإجراءاته، دار الشروق، القاهرة، 1998، 14.

- د. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، دار سعاد الصباح، الكويت، ط2، 1993، 65.

- د. عبد العظيم المطعني، علم الأسلوب في الدراسات الأدبية والنقدية، مكتبة وهبة، 2001، 106.

4. - ينظر: د. سعد مصلوح، الأسلوب،37–42.- د. شفيع السيد، الاتجاه الأسلوبي في النقد الأدبي،143– 146.

5. - د. سعد مصلوح، الأسلوب، 38.

6. - د. شفيع السيد، الاتجاه الأسلوبي في النقد الأدبي، 135.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير