تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قراءة جديدة لمعلقة لبيد]

ـ[محمد سعد]ــــــــ[17 - 01 - 2008, 01:14 ص]ـ

مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 102 السنة السادسة والعشرون - نيسان 2006 - ربيع الثاني 1427

قراءة جديدة لمعلقة لبيد ـــ د. نذير العظمة*

مقدمة:

تطرح

تطرح معلقة لبيد بشكلها الذي ورد في المعلقات السبع للزوزني أكثر من إشكالية. وتثير إشارات استفهام عديدة. فصياغتها أقرب إلى الشعر المنطوق والشفاهي من المعلقات الأخرى كمعلقة امرئ القيس وعنترة وطرفة والحارث ابن حلّزِة ومعلّقة زهير بن أبي سُلمى التي تحمل خصائص الشعر المنقح والمصقول.

ثم إن نسيجها البدوي في الصياغة والعبارة والمفردة طراز وحده بين المعلقات. مما استدعى موقفاً مختلفاً منها في مسألة النحل عند النقاد. واعترف لها بالأصالة, والمحدثون عرباً ومستشرقين لم يكونوا أقل التفاتاً إلى هذه المعلقة من القدماء ـ فقد ترجمها مع باقي المعلقات وليم جونز (1783م). كما ترجمها مع باقي المعلقات أي. جي. آربري بعنوان " The suspended odes".

واختارها وليم بولك من بين باقي المعلقات ليترجمها مفردة بعنوان " The Golden ode" إلا أنه قبل أن يترجمها أحسَّ ضرورة معايشة المكان من الخليج في الشرق إلى بيشة في الغرب، فاستأجر أدلاء من الأردن. وارتحل الرحلة التي ذكرها لبيد في معلقته. ليكون أكثر دقة في التعبير عن مشاعر وأفكار لبيد. فالنص في رأي وليم بولك رغم أنه تعبير عن أحاسيس الشاعر ورؤيته للزمان والإنسان والطبيعة، إلا أنه أي النص ابن البيئة فالمستشرق وليم بولك في ترجمته لمعلقة لبيد، حاول أن يقتنص الإيحاء الذي يولده النص ويصاحبه, لكن علاماته تلوذ بالإضمار والخفاء.

ومن الذين اجتذبتهم معلقة لبيد من جماعة النقد الحديث د. كمال أبو ديب الذي كتب نصاً نقدياً مسهباً عن المعلقة باللغة الإنجليزية، ونشره في مجلة الأدب العربي في لندن في الثمانينيات المبكرة .. كما ضمّنها فيما بعد في كتاب لهُ بعنوان جدلية الخفاء والتجلي في الشعر العربي.

ومع أن كمال أبو ديب نافح عن النقد الشعري الذي يهتم بالنص. ويؤمن بسلطته. ويعريه من كل ما حوله من تاريخ وسيرة ومناسبة إلا أنه يصرح في دراسته لمعلقة لبيد بأنه سينهج منهج العالم الإناسي ليفي شتراوس. فيزوج النزعة الألسنية بالمنهج الأسطوري. وتصبح عنده الثنائيات الضدية لغة وتركيباً وسياقات ومفردات، ذات دلالات أنتربولوجية مرتبطة بالأسطورة وإن لم تتضمنها صراحة في النص. وتصير اللغة بحد ذاتها تعبيراً أسطورياً. ويغلب كمال أبو ديب على المعلقة في دلالاتها العميقة وإشاراتها المضمرة الدلالات التي تحملها أساطير الخصب. ويسترسل في تفسير المعلقة في هذا الإطار. وإن قاده ذلك أحياناً إلى تشقيق اللغة للبحث عن إيماءاتها الأسطورية, فأبو ديب يعامل معلقة لبيد وجسدها اللغوي لا من خلال المعجم بل من الدلالات والإيحاءات التي يضمرها النص. ويرى أن المعلقة في نصها الكامل تنم على وحدة شعورية تجري جميعها في سياق ثنائيات الجفاف والخصب وبدائلها.

وقبل أن تفرض المعلقة هيبتها على كمال أبو ديب دفعت بطه حسين في الشعر الجاهلي إلى موقف مختلف عن سياق دراسته لقضية النحل في الشعر الجاهلي. ولم يضعها في دائرة الشك كلية وأعطاها شيئاً من المصداقية.

ونعترف بأننا لسنا أقل من هؤلاء جميعاً اهتماماً بمعلقة لبيد، ولكننا سننظر إليها من زاوية مختلفة. فمن الإشكاليات التي تطرحها المعلقة كنص، هي مسألة السابق " Fore Runner" وهو من يمهد للاحق يأتي بعده. كما مهد يحيى بن زكريا أو يوحنا المعمدان للسيد المسيح. فكلاهما آمن بالبشارة لعهد جديد, والعمادة في نهر الأردن. وكلاهما تصدى للحرفية الطاغية التي تعامل بها الفرنسيون مع النص المقدس للتوراة ([1]).

وقياساً على ذلك كثيراً ما نظر بعض المستشرقين إلى الحركة الحنفية في الجاهلية ورموزها كسابق للدين الحنيف أي الإسلام. وبرز في هذا السياق الشاعر الجاهلي أمية بن أبي الصلت كرمز للسابق وعلاقته بورقة بن نوفل وهو خال خديجة زوجة الرسول ( r).

فقد تضمنت معلقة لبيد أفكاراً وعقائد إسلامية سابقة للدعوة في زعم الرواة، الأمر الذي يدفعنا إلى العودة إلى معلقة لبيد وتفحصها من جديد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير