تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[السخرية في شعر أحمد مطر]

ـ[عمر صالح علي]ــــــــ[13 - 03 - 2007, 04:10 م]ـ

السخرية في شعر احمد مطر أ. د. صالح علي الجميلي

كلية التربية / جامعة تكريت

حياته:

ولد الشاعر احمد مطر في عام 1958 في قرية (التنومة) إحدى نواحي شط العرب في محافظة البصرة بدأ يكتب الشعر ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية لكن سرعان ما تكشفت له خفايا الصراع بين السلطة والشعب فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره في دائرة النار حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، كانت هذه القصائد في بداياتها طويلة تصل إلى اكثر من مائة بيت، مشحونة بقوة عالية الأمر الذي اضطر الشاعر في النهاية إلى توديع وطنه ومرابع صباه فتوجه إلى الكويت، هاربا من مطاردة السلطة، وفي الكويت عمل في جريدة (القبس) محررا ثقافيا وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره، حيث مضى يدوّن قصائده التي حاول أن يجعلها لا تتعدى موضوعا واحدا، وإن جاءت القصيدة كلها في بيت واحد.

وفي رحاب (القبس) عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي ليجد كل منهما في الآخر توافقا نفسيا واضحا فكان يبدأ الجريدة بلا فتته في الصحفة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة، ثم صدر قرار نفيهما معا وترافقا إلى لندن ومنذ عام 1986م، استقر احمد مطر في لندن ليمضي الأعوام الطويلة بعيدا عن الوطن موجزا أسباب رحيله عن الوطن بقوله:

سبعون طعنة هنا موصولة النزفِ

تبدي ولا تخفي

تغتال خوف الموت بالخوفِ

سمّيتها قصائدي

وسّمها يا قارئي: حتفي!

وسّمني منتحراً بخنجر الحرفِ

لأنني في زمن الزيفِ

والعيش بالمزمار والدفِ

كشفت صدري دفتراً

وفوقه

كتبت هذا الشعر بالسيفِ (1)

السخرية لغةً واصطلاحاً:

ورد في اللسان: "سخر فيه وبه: هزئ به، وفي الحديث: أتسخر مني وأنا الملك؟ أي تستهزئ بي وإطلاق ظاهره على الله لا يجوز، و إنما هو مجاز بمعنى: أتضعني فيما لا أراه من حقي؟ فكأنها صورة السخرية وفي قوله تعالى (وإذا رأوا آية يستسخرون) (2)، قال الرماني: معناه يدعو بعضهم بعضاً إلى أن يسخروا وقوله تعالى يستسخرون، أي يسخرون ويستهزؤون كما تقول عجب وتعجب واستعجب بمعنى واحد." (3)

والسخرة الضحكة،ورجلٌ وسخرة يسخر من الناس وسخرة يسّخر منه والاسم والسخرية، والسخري، وقرئ بهما قوله تعالى (فا تخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون) (4) فهو سُخريّا وسِخريّا والضم أجود. (5)

وسخر منه هي اللغة الفصيحة وبها ورد القران الكريم (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأٌ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فأنا نسخرمنكم كما تسخرون) (6) وقد "نقل الأزهري عن الفراء قوله: يقال سَخِرْتُ منه ولا يقال: سخرتُ به، وقد أجازهما الأخفش فقال: سخرتُ منه وسخرتُ به كلاهما." (7)

مما تقدم تبدو لنا صعوبة تحديد مصطلح السخرية تحديداً جامعاً مانعاً، والسبب في ذلك يعود إلى:

1_ حيوية هذه المصطلح وكونه قابلاً للتجديد والتطور في كما يقول برجسون: (شيء حي قبل كل شيء). (8)

2_ اختلاط مفهوم هذا المصطلح بمفاهيم المصطلحات أخرى قريبة منه كالفكاهه والتهكم والهجاء والكوميديا. (9)

ويعود اصل المصطلح إلى الكلمة اليونانية ( eironig) التي اشتق منها المصطلح الأوربي للسخرية (وكانت هذه الكلمة وصفا للأسلوب في كلام إحدى الشخصيات في الملهاة اليونانية القديمة المسماة _ eiron_ وكانت هذه الشخصية تتميز بالضعف والقصر والخبث والدهاء). (10)

وقد عُرّفت السخرية بصورة عامة على أنها (نوع من الهزئ قوامه الامتناع عن إسباغ المعنى الواقعي كله على الكلمات والإيحاء عن طريق الأسلوب وإلقاء الكلام بعكس ما يقال،وتتركز على طريقة في طرح الأسئلة مع التظاهر بالجهل وقول شيء في معرض آخر). (11)

وعرّفها آخر قائلا: (تتمثل السخرية في منهج جدلي يعتمد على الاستفهام بمفهومه البلاغي إذ تعتبر طريقة في توليد الثنائية والتعلم على البعد المعرفي). (12)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير