تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مفهوم النقد]

ـ[حياء زهرة]ــــــــ[14 - 04 - 2008, 11:20 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

النقد لغة: هو بيان أوجه الحسن وأوجه العيب في شئ من الأشياء بعد فحصه ودراسته، وفي الأدب يعني النقد: دراسة النصوص الأدبية في الأدب، وذلك بالكشف عمَ في هذه النصوص من جوانب الجمال فنتبعها، وما قد يوجد من عيوب فنتجنب الوقوع فيها.

أولآ: النقد الأدبي في مرحلة النشأة والتطور:

استعمال النقد: 1 - أول ما استعملت فيه كلمة النقد كانت بمعني فرز الدراهم والدنانير - قديماً - لبيان الصحيح والمزيف منها، وتلك مهارة يختص بها الصيارفة.2 - ثم انتقلت إلي نقد أخلاق الناس وعاداتهم، وبيان ما يتحلون به من كريم الصفات. وما يعاب على أحد من السلوكيات، ولهذا قالوا [إن نقدت الناس نقدوك، وإن عبتهم عابوك].

3 - ثم دخلت كلمة النقد في نقد الشعر والخطب في العصر الجاهلي، حيث كانت أسواق العرب أشبه بالنوادي الأدبية اليوم - يلقي فيها الشعراء قصائدهم .. وكل يتباهي مفتخراً بقومه ... والناس يسمعون، ثم يقولون رأيهم .. وهي في هذا الوقت ملاحظات فردية، تقوم على الذوق الشخصي، وهذه هي المرحلة الأولي لظهور النقد الأدبي وتطوره.

* نماذج من النقد الأدبي في هذه المرحلة:

1 - ألقي شاعر يسمي (المتلمس) قصيدة على جمع من الناس، وكان من بينهم الشاعر: طرفة بن العبد - فلما قال المتلمس:

وإني لأمضي الهم عند احتضاره بناج عليه الصيعرية مكدم

ومعني البيت (إنني أتغلب على الهموم التي تحضرني بالسير على جملي فأنجو منها به).

عندئذ قال طرفة: استنوق الجمل - أي جعله ناقة. فقد وصفه بصفات الناقة وهي (الصيعرية) وهي علامة في عنق الناقة لا البعير.

2 - جاء في قصيدة لحسان بن ثابت:

لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

فنقده النابغة وقال له:

- إنك قلت: (الجفنات) وهي من جمع القلة، والأحسن لو قلت (الجفان) لكثرة العدد.

- وقلت: (يلمعن) (في الضحى) أي تلمع في وضح النهار - ولو قلت (يبرقن) (في الدجي) لكان أبلغ لأن الضيوف في الليل أكثر طروقا.

- وقلت أيضا: (أسيافنا) وهي جمع قلة - ولو قلت (سيوفنا) جمع كثرة لكان أفضل.

- وقلت (يقطرن دما) أي تسيل منها قطرات الدم. ولو قلت يجرين) لكان أفضل فجريان الدم دلالة على كثرة القتلى من الأعداء.

ونلحظ في نقد النابغة السابق أنه يركز على مدي دقة استعمال الكلمات الملائمة للمعني، وكيف تكون كلمة أدق وأبرع في التعبير عن المعني المراد لأن نجاح الشاعر في اختيار أدق الكلمات المناسبة يسهم في قوة المعني وتأثيره في نفس السامع، ولهذا قال النابغة لحسان: إنك لا تحسن أن تقول مثل قولي:

فإنك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أن المنتأي عنك واسع

فأنت تري الأسلوب واضحا تمام الوضوح، مع عمق المعني المراد، حتي أنك تحتاج للتريث والأناة في معرفته. فهو يعتذر للنعمان عن المنذر، معلنا أنه لا يستطع الهرب منه إلي أي مكان - كالليل لا مهرب منه.

كان النقد في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام ملاحظات فردية، تقوم على الذوق الشخصي.

o وقيل في الجاهلية: أشعر الشعراء امرؤ القيس إذا ركب، والأعشى إذا رغب

o وفي عصر صدر الإسلام قال عمر بن الخطاب: إن زهير بن أبي سلمة هو أحسن الشعراء، لأنه لا يمدح الرجل إلا بما فيه، ولا يعاطل في القول.

في العصر الأموي كان مجلس عبد الملك بن مروان ميدانا متسعاً للنقد والتذوق وهو نفسه كان مشاركا في ذلك. روي أنه سمع عن الشاعر ((نصيب)) قوله:

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت فوا حزنا من ذا يهيم بها بعدي

فقال بعض من حضر: أساء القول. أيحزن لمن يهيم بها بعده، فقال به عبد الملك ابن مروان: لو كانت قائلاً فماذا تقول؟ قال:

........................... أو كل بدعد من يهيم بها بعدي

فقال عبد الملك: أنت أسوأ قولا، والأفضل لو قال:

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي

4 - مدح جرير الخليفة عبد الملك بن مروان، فقال:

هذا ابن عمي في دمشق خليفة لو شئت ساقكم إلي قطينا

فلما سمعه عبد الملك قال: ما زاد على أن جعلني شرطيا - والله لو قال (لو شاء) لسقتهم إليه قطينا.

وقد أخطأ جرير في قوله (شئت) بإسناد الفعل لنفسه، وجعل الخليفة شرطيا عنده - وهذا لا يليق بمقام الخليفة، ولو استبدل كلمة (شاء) أي الخليفة مكان (شئت) لحظي بما يريد.

5 - قالت ليلي الأخيلية في مدح الحجاج:

إذا نزل الحجاج أرضاً مريضة تتبع أقصي دائها فشفاها

شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز القناة سقاها

فعاب الحجاج قولها (غلام) لأنها كلمة تدل على الجهل والطيش وقلة الخبرة والتجربة - وهذا لا يناسب ذكاء الحجاج وسطوته، التي عرف بها، وكان الأفضل لو قالت (همام - شجاع).

دمتم في حفظ الله ورعايته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير