تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الكشف عن بنية الغربة والعودة في شعر الإسلامية .. +1+]

ـ[المساوي]ــــــــ[26 - 04 - 2007, 01:17 ص]ـ

:::

الكشف عن بنية الغربة والعودة في شعر الإسلامية

قراءة أولية لقصيدة "الزلزال" للشاعر محيي الدين عطية (1)

الأستاذ عبد الرزاق المساوي

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

مهداة للأخت وضحاء

على سبيل التقديم:

كل قصيدة إلا وتحتل الموقع المميز والمناسب لها داخل دائرة كبيرة في عالم الإبداع عامة وعالم الشعري منه على الخصوص، ولكن تموقع القصيدة لا يكون قارا أبدا لأن من طبيعته أنه دائم التحول حسب حال المتلقي النفسي والفكري والمعيشي والزماني والمكاني .. ، كما لا يكون محددا تحديدا جغرافيا، لأن طبيعة الدائرة الشعرية نفسها دائمة الحركة، ولا تحتمل الاستقرار، كما أن طبيعة القصيدة/الشعر كإبداع أو رسالة طبيعة متغيرة هي الأخرى وتكتسي حال الشكل واللغة والصياغة والزمان والمكان وحتى طريقة العرض أو الإلقاء إذا تحقق .. وبذلك فهي تتحول من موقع إلى موقع ولا تحتمل الثبات أو الركود أو الركون أو الجمود لأن ذلك يقتلها .. والذي يسهم في تنمية هذه الطبيعة الذاتية للقصيدة ويزكيها ويعمل على إظهارها للوجود وإبرازها بوضوح هو المتلقي/القارئ الذي يستطيع أن يموقع القصيدة في دائرة الشعر الواسعة، ويحاول أن يرسم لها خريطة مناسبة في عالمها، وأن يمنحها وجودا فعليا فوق أرضها .. ولذلك نجد قصيدة واحدة ولكن لها مجموعة من المواقع في عالم الشعرية قد تبعد وقد تقترب من الدائرة الأساس، وذلك انطلاقا من تعامل المتلقي معها ومدى تجاوبه مع مكوناتها، ونظرته إلى بنيتها، ووقوفه عند مشارف مداخلها ومخارجها، وتفاعله مع ما تطرحه من إشكاليات أو تبديه من رؤى ..

فالمتلقي هو الذي يتصرف بعد المبدع في موقعة النص الشعري (بل وقد يكون قبل المبدع نفسه لأنه حاضر في ذهن المبدع قبل أن يبدأ الإبداع فقد يرسم معه خريطة النص حتى قبل إصدار أول نقطة فيه .. )، وقد يختار المتلقي للرسالة / القصيدة / الإبداع في زمن معين موقعا ما ثم يحيد عنه في زمن آخر، وقد يعيد الكرة كل مرة يتوغل فيها في عالم النص قراءة وإدراكا وفهما وتفاعلا .. إن كل متلق يرى النص/القصيدة في موقع / مواقع معينة بناء على مجموعة من المعطيات: عقدية ونفسية واجتماعية وانطلاقا من مكونات خارجية وداخلية ومصاحبة نابعة من طبيعة المتلقي أولا ومزكاة بما يزخر به النص نفسه والقصيدة عينها ثانيا، دون إغفال مبدعها الذي عانى فترة المخاض قبل وعند وبعد ولادتها/إبداعها ثالثا .. مع الإشارة إلى ما يحيط بالجميع من ظروف وأحداث ..

قصيدة الزلزال:

وقصيدة الزلزال يتجلى موقعها من الدائرة انطلاقا من كونها تعبر عن رؤية إسلامية واضحة لا تتوسل الغموض، بل تلج عالم الرمز كي تمتح منه وتتخذ منه وسيلة تمرر من خلالها مجموعة من القضايا، وهي ليست قضايا جديدة أو محدثة وإنما طالها غبار النسيان، وهي تود أن تنفض عن نفسها ذاك الغبار بأسلوب شعري وأدبي، ولتقيم صرحا من القيم الإنسانية العالية التي يؤمن بها الشاعر على مدى طول وزمان القصيدة التي تتوسل الشكل المحدث/الشعر الحر ـ على الأقل على المستوى البصري ـ ..

تتسم قصيدة الزلزال بسلاسة لغتها وبساطة جملها وعذوبة تراكيبها وعدم توعر كلماتها وحسن الجمع بين كل ذلك، كما تتميز بجمال بعض صورها وتناسق مكوناتها وترابط أجزائها وتلاحم فصولها .. كما أنها تعطي للرمز مواقع تجعله دالا على محتواه وفحواه ويومئ بما بقصد منه داخل القصيدة وذلك بربطه بمجموعة من الدوال التي تضفي عليه الرؤية التي يتبناها الشاعر لتتكون في الأخير لوحة بسيطة الألوان فاتحتها، لكنها ذات أبعاد عميقة .. تغالب شمسها ألوان الضباب، وتدافع ألوان طيفها لون الرماد ..

العنوان:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير