تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مع معروف الرصافي - الأرملة المرضعة – بقلم: إدوارد فرنسيس]

ـ[إدوارد فرنسيس]ــــــــ[21 - 05 - 2007, 04:12 م]ـ

[مع معروف الرصافي - الأرملة المرضعة – بقلم: إدوارد فرنسيس]

معروف الرصافي: 1877 - 1945

ولد الشاعر معروف الرصافي في سنة 1877 ببغداد حيث أكمل دراسته فيها، ثمّ انتقل إلى القسطنطينيّة والقدس، وبعد إتمام دراسته عاد إلى وطنه.

عاش الشاعر فى عصر عما لقة الشعر: جميل صدقي الزهاوي (1863 - 3619)، وأمير الشعراء أحمد شوقي (1868 – 1932)، و شاعر القطرين مطرا ن خليل مطرا ن

(1871 – 1949)،

و شاعر النيل حافظ إبرا هيم (1872 – 1932).

يمتاز اُسلوب الرصافي بمتانة لغته ورصانة اُسلوبه، وله آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والآداب أشهرها ديوانه (الرصافي) حيث رتّب إلى أحد عشر باباً في الكون والدين والاجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة.

شارك الرصافي في قضايا اُمّته السياسية والاجتماعية، وعندما احتلّ الانجليز العراق سنة 1920م، وسرعان ما نصّبوا فيصل ملكاً على البلاد وأصدروا دستوراً وانشأوا برلماناً مزيّفين وأصحبت اُمور البلاد بأيديهم، ثار الشعب العراقي وثار الرصافي معهم حيث أنشد قصيدته، التي جاء فيها:

عَلمٌ ودستورٌ ومجلس اُمّة ===== كلٌّ عن المعنى الصحيح مُحرَّفُ

أسماء ليس لنا سوى ألفاظها ===== أمّا معانيها فليست تُعرفُ

من يقرأ الدستور يعلَم أنّه ===== وفقاً لصكِّ الانتداب مصنّفُ

وهذه القصيدة: يصف فيها مشاهدته لأرملة وبنتها الصغيرة، توفّي زوجها وتركهما بين الفقر والبؤس الذي يذيب القلوب الجامدة.

الأرملة المرضعة - لمعروف الرصافي

لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا === تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا

أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ === وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا

بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا=== وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَا

مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا === فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَا

المَوْتُ أَفْجَعَهَا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا === وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَا

فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا === وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَا

كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَا === فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَا

وَمَزَّقَ الدَّهْرُ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا === حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَا

تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَا === كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَتْ زُبَانَاهَا

حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً === كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا

تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا === حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَا

قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْدَامٍ مُمَزَّقَةٍ === في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَا

مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا === تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَا

تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ === هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَا

مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا === إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَا

يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ === كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَا

مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ === وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَا

يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَا === تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَا

وَيْلُمِّهَا طِفْلَةً بَاتَتْ مُرَوَّعَةً === وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَا

تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَا === وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَا

قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَا === وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَا

وَيْحَ ابْنَتِي إِنَّ رَيْبَ الدَّهْرِ رَوَّعَها === بِالفَقْرِ وَاليُتْمِ، آهَاً مِنْهُمَا آهَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير