[مراهقتي ...]
ـ[سليك بن سلكة]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 10:17 ص]ـ
رفقاء الأنس وصحبة التنادم هنا في فصيح العلم والأدب ..
أما بعد ..
فقد كنت ذات مساء حالم، أقلّب صفحات نفسي، وأغوص في أعماقها، أريد أن أستكنه مرامي هذه النفس الشموس، وأخاطب هذا القلب الجافي! ياترى .. ما الذي دهاك ياهذا وقد كنت حالم الحس، ريّان العاطفة ... وما كدت أؤوب من صوفيتي هذه إلى دنيا الناس .. حتى وجدتني أبيّض هذه الوُريقات، وأنتهي من هذه الرسالة، والتي أسميتها "مراهقتي" ... أرجو من فضلاء الفصيح إبداء الرأي حولها، وإجراء النقد في تراكيبها، وإيقاف العبد الضعيف على أصول إخوان الصفاء من أحلاس الأدب وأقطابه ...
أقول فيها ...
سقى الله تلك السنين الخوالي بالصَّيِّب الهتون .. كنت أجتاز تلك المرحلةِ من العمر فتىً غضَّ الإهاب مرهف الحس مشبوب العاطفة، أرى ما حولي من الطبيعة والناس والأشياء عرائسَ حورٍ ترفُّ حولي بالسرور، وحمائمَ بيضٍ تحوم فوقي بالسّعود، وأطيافَ سحرٍ تملأ جوانحي بالنشوة واللذة.
كنت في كل مساء حالم؛ آوي إلى مخدعي الوردي، فأضع على الوساد رأساً مزدحم الفكر، وخيالاً مضطرب الصور، وعواطفَ مبهمة الشكل، فأسبح معها في فضاءٍ من السرور والغبطة، وتهاويل موشّاة بالمتعة والطرفة.
يومي هو عيدي .. ولحظتي هي مناي .. أمضي إلى غايتي في الحياة غير هيّاب ولا وجِلْ .. اُُسقط الماضي من ذهني، وأُحِلّه مَحَلّ النسيان من قلبي، فأطويه في ضمير الغيب، ولا أسرّح النظرَ الحائرَ في الأفق الغابر، لأنظر في صحيفة القدر، وأكشف الغطاء المحجوب.
أشعر بفيضٍ من عواطف سيّالة، ومشاعر جيّاشة، تتنزّى في ذهني وتتوقد في خيالي، ما ينفكّ وهيجُها المقرورُ يضطرم في الحشايا اضطرام الفصيل على الرمضاء الحارقة، تطلب الاستعلان عن نفسها في قصة حب أو نظرة ودّ أو بسمة ثغر. إذا أبصرتني في النَّديِّ أبصرتَ فتىً عيّ اللسان، ساهم الطرف، منقبض النفس، لا أكاد أُرْسِلُ سَهْلَ الكلام إلا في تلعثم وبطئ.
أنظر إلى الجمال بعيني قلبي، وأنفذ إلى النفس بشعاع روحي؛ فأرى سهوم العشق في اللحظ الحيي، وبارق الهوى يلوح على الثغر البسّام .. عالمي عبارة عن رقعة حالمةٍ مصبوغةٍ بألوان الطيف، ومنضورةٍ بأزهار الربيع، تُظِلّه سحايب المنى، وتحُفُّه أطيارُ الهوى، وتنفحه نوافح الفردوس .. كل ما حولي يشعّ نوراً ويشيع حُبورا .. فأذناي مرهفتان لعازف الهوى، وفؤادي الصادي مرعىً للعاشق الهيمان ..
هكذا ياقارئي قطعتُ مراحل عمري الأنيس .. فليتنا اليوم إذ غاضت ينابيع المسرة، وجفّت أوراق الحياة، صرخنا في أذني الدهر صرخة الجازع المكروب، ليُبقي لنا صدى تلك الأماني العذاب، وصورة ذلك الدهر الحالم، ما نستعين به على جهاد الحياة المرير الواصب ...
ـ[لمار]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 12:27 م]ـ
كلمات جميلة
استمتعت بقراءتها ..
ـ[سليك بن سلكة]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 02:09 م]ـ
... وحروفٌ مُعْجَبة، خطّتها أناملك لمار ..
جزيت خيراً أخيّة ..
ـ[الوافية]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 05:19 م]ـ
حياك الله أخي سليك بن سلكة.
لست من رواد منتدى النقد الأدبي. ولم أعقب على أي من مواضيعه (باستثناء مشاركتك السابقة).لأن خبرتي في النقد قليلة.
لكني أصدقك القول فقد استمتعت بقراءة ماتخطه أناملك. وإني لأغبطك على هذا السيل الوارف من الألفاظ الجميلة والصور البديعة. أبعد الله عنك الهموم
ودمت مبدعا.
ـ[سليك بن سلكة]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 11:05 م]ـ
وحيّا الإله هذا القلم المبارك من أختي الوافية، وأسعد الله أيامكِ بكل خير.
ولإن غبطتني بما نثره قلمٌ عاجزٌ هنا، فإني لأغبطك على سمو خلقك، وجمال لفظك، ورقّة عبارتك ..
وكم في مقال العاجز من عور، ولكن الكريم غضيض الطرف، يأخذ الحسن ويدع القبيح ..
أسعدك الباري ويسر لك الخير حيثما توجّهت ..
ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 11:37 م]ـ
مخدعي الوردي،
وا اسفاه، مخدعك وردي!
صعلوك ينام على مخدع، والأمرُّ من ذلك مخدع ورديّ! صعلوك رافه
:)
دمت موفقا ومتميزا أيها السليك
ـ[سليك بن سلكة]ــــــــ[27 - 03 - 2008, 01:32 ص]ـ
أضحك الله سنّك يأخا الود ..
الصعلكة على أيام سليك كانت Five Star، وعلى أيامك طيحني يابابا ..
دمت مشاكساً جميلاً ..
ـ[أحمد القرني]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 12:57 ص]ـ
شكرا لك على ماأفدتنا به وجزيت خيرا
ـ[سليك بن سلكة]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 01:21 ص]ـ
الشكر موصول لك أيضاً أيها الحبيب ..
وشكر الله طيب قولك وعبور طيفك ولطف ثناءك ..