تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لكل من لدية تذوق أدبي، أحتاج نقدكم بوركتم ..]

ـ[حياء زهرة]ــــــــ[13 - 11 - 2008, 11:16 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

إخوتي أعضاء شبكة الفصيح

أضع بين أيديكم قصة يوميات دموع للدكتور موفق أبو طوق

لمن يستطيع نقدها كأدب موجه للأطفال

من حيث الشكل والمضمون والخيال

أرجو مساعدتكم ولكم جزيل الشكر

يوميات دموع

اسمي: دموع

وينادونني أحياناً: (عبرات) .. يعرفني الناس جميعاً، فليس ثمة إنسان لم يبكِ وتذرفني عيناه!.

أقيم في حجرة متواضعة قرب جارتي (العين) .. وأنا أكره أن أبقى حبيسة غرفتي هذه؛ بل أحبّ أن أروّح عن نفسي بين حين وآخر .. فأخرج كلما سنحت الفرصة، أتجول عبر طريق دمعية جميلة، تنتهي بي عند العين، فأجعلها مغرورقة بي .. وليس هناك ما هو أمتع من دخولي الأنف أيضاً، وتحسس أشعاره ودهاليزه .. أو وصولي إلى رابية الوجنة، والانزلاق على بشرتها الناعمة.

لي حكايات كثيرة، أعيشها كل يوم، بعضها يرسم البسمة على الشفاه، وبعضها يزرع الحزن في النفوس ..

وأنا أدونها دائماً في كراستي الخاصة، وقد أحببت اليوم أن أرويها لكم، لعلكم تجدون فيها متعة وفائدة.

*

- الحكاية الأولى:

في بيت (مَزْيَد) عصفور جميل، يحبه حباً جماً، ويد لله دلالاً لا مثيل له .. إنه يطعمه حبوباً منوعة، وفاكهة لذيذة الطعم .. وهو لا يتوانى عن تقديم أية خدمة له؛ صغيرة كانت أم كبيرة!.

وذات مرة؛ نسي (مزيد) باب القفص مفتوحاً، فتسلل العصفور منه، وطفق يقفز هنا وهناك، من غير انتباهٍ إلى خطر قد يلحقه، أو حذرٍ من عدو قد يدهمه .. وما زال العصفور يسرح ويمرح، إلى أن لمحته القطة (بسبس)، يا له من صيد ثمين!!. حدثت نفسها؛ ثم تبعته على حذر، تخطو مرة وتقف أخرى .. حتى إذا اطمأنت إلى غفلته، قوست ظهرها، واستجمعت قواها، ثم قفزت قفزة واحدة، وسرعان ما كان في فمها يزقزق ويرفرف .. لا؛ لن يفلت منها أبداً، ولن ينفعه الندم بعد فوات الأوان!!.

وعندما عاد مزيد إلى الغرفة، فوجئ بالقفص مفتوحاً، وعصفوره الغالي غير موجود .. تلفت حوله؛ فوجد بضع ريشات ملقاة على الأرض .. انفجر (مزيد) باكياً، وذرّف الكثير مني .. لقد أحسّ بالذنب، وأدرك أنه السبب فيما جرى لعصفوره الجميل!.

*

- الحكاية الثانية:

اقترب الامتحان، وأغلق مزيد الباب على نفسه، لقد قرر أن يلزم البيت: لا نزهة، لا رحلة، لا لعب، لا إضاعة وقت .. بل الجدّ الجدّ، والعمل العمل .. ووضع برنامجاً خاصاً؛ يحدد وقت دراسته، وطعامه، ونومه، واستيقاظه ..

وعندما جاء يوم الامتحان؛ ذهب إلى قاعة الفحص بخطوات واثقة .. إنه معتد بنفسه، متقن لدراسته، متمكن من معلوماته .. ولن يجد صعوبة في أي سؤال.

وحين أُعلنت النتائج؛ بشّروه بأنه الأول في صفه .. وفي حفل بهيج ضم الطلاب وذويهم، استُدعي مزيد إلى المنصة، صافحه المدير بحرارة، وقلده وسام التفوق الفضي .. هنا انهمرتُ من عينيه، لأن (مَزْيَد) لم يخفِ تأثره، فبكى من شدة الفرح. ...

- الحكاية الثالثة:

قالت أم مزيد:

- لقد تداركني الوقت، والغداء بات وشيكاً، ومايزال أمامي الكثير قبل مجيء أبيك!. فتعال يا مزيد؛ وساعدني قليلاً ..

احتج مزيد قائلاً:

- لكنني لا أعرف شأناً من شؤون الطبخ!!.

قالت:

- لا بأس .. قشّر البصل فقط، لا أظنّه يحتاج إلى تعليم!.

وأمسك (مزيد) بالسكين، وشرع يقشر البصل ويقطعه قطعاً صغيرة .. بعد قليل، أحسّ بعينيه تحرقانه، فرائحة البصل تزعج العين، وبخاره يخرشها ..... وكان لابد لي، وهو على هذه الحال، من أن أسيلَ على وجنتيه!.

- الحكاية الرابعة:

ذات يوم؛ هبّت رياح شديدة، أثارت الغبار في كل مكان .. بعض الناس التزم بيته، وامتنع عن الخروج في ذلك اليوم العاصف .. وبعضهم تجرّأ وخرج لقضاء حاجاته الضرورية، ولكنه حمى عينيه بنظارة واقية .. وبعضهم استخفّ بالأمر، فمشى في الطريق مكشوف العينين، دون أن يحسبَ حساباً لأذى يلحق بهما!.

وكان مزيد ممن استهتروا بأنفسهم؛ فقد سار مع أصدقائه، والرياح تلطم وجهه بقوة .. مع ذلك لم يرفّ له جفن، أو تغمض له عين!. فدخلت ذرات الغبار إلى عينيه، وأحسّ بآلام لا تطاق .. وكان عليّ أن أنهمر بسرعة، وأدفع عنهما شرّ هذه الشوائب.

سامح الله (مزيد) .. لقد أتعبني ذلك اليوم كثيراً!!.

- الحكاية الخامسة:

استيقظ مزيد في الصباح الباكر .. تلمّس عينَه؛ ليست على ما يرام!!.

حدق إلى المرآة، فراعه منظرها .. كانت ملتهبة التهاباً شديداً، وأنا .. أسيلُ بغزارة.

وهُرع إلى أبويه، وهو يشير إليها .. الأمر لا يحتمل الانتظار، فلْيراجعوا الطبيب بأقصى سرعة.

وفي العيادة، فحص الطبيب عينيه بدقة .. ثم قال:

- ام م م م م .. القناة الدمعية مسدودة .. يبدو أن شيئاً يعيق سير الدموع ..

قال والده:

- وما الحل يا دكتور؟!

ابتسم الطبيب قائلاً:

- لا تخف .. الحل في متناول أيدينا .. عملية بسيطة، وتُفتح هذه القناة.

- افعل ما تراه مناسباً .. يا دكتور.

وربت الطبيب على كتف مزيد وهو يقول:

- اطمئن .. ليس الأمر صعباً .. والتخدير لن يشعرك بأي ألم.

وسرعان ما بدأ الطبيب عمله، خدّر (مزيد)، وفتح القناة المسدودة بسلك معقم ..

وتوقفَ تدفقي من عين مزيد، لأني وجدت الطريق مفتوحة أمامي، بعد أن كانت أبوابه مغلقة، وتحول دون الوصول إلى الأنف، إلى أشعاره، إلى دهاليزه ..

* * *

وهكذا تنتهي حكاياتي يا أحبائي الصغار، وأظنكم الآن عرفتم: متى تذرفني عيونكم ..

...

أودعكم .. على أمل اللقاء بكم، في حكايات أخرى .. مفيدة وممتعة ..

دموع.

انتظر نقدكم وفقكم الله

دمتم في حفظ الله ورعايته .....

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير