تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[السرقات الشعرية عند بشار من منظور النقد الأدبي الحديث]

ـ[فراي]ــــــــ[16 - 08 - 2008, 01:36 ص]ـ

تقديم:

في إطار دراسة الأستاذ عز الدين الذهبي للظواهر الأسلوبية، عنون الفصل الرابع من كتابه الأسلوب في شعر بشار، بالسرقات الشعرية في تسع صفحات متناولا فيها النقاط التالية:

• تقديم.

• السرقات على المستوى التركيبي.

- سرقات بشار من الشعراء.

- سرقات الشعراء من بشار.

• السرقات على المستوى الدلالي.

يبرز الأستاذ عز الدين الذهبي في مقدمة هذا الفصل المكانة التي تحتلها قضية السرقات في كتب النقد والبلاغة منذ أمد طويل، و أن الدراسات حولها اليوم ما تزال في بدايتها، خصوصا لما تقدمه من مادة جاهزة للباحث المعاصر لدراسة توالد النصوص و تحول الدلالة في الشعر العربي للانتقال من تاريخ الأدب إلى تاريخ الأدبية برصد تطور الأشكال البلاغية و الإيحاءات و الدلالات الشعرية.

و إذا عدنا إلى مقدمة الكتاب ص 5، أفصح الأستاذ عن هم راوده في تأليف الكتاب في إطار توجه يربط الماضي بالحاضر، و يضيف: " و لعله من المفيد و نحن نقلب تراث الأجداد في قضية ما أن نكون على بينة مما هي عليه عند الآخرين من أهل زماننا "، و بناء عليه تشير قضية السرقات عند القدامى إلى ظاهرة جمالية في النص الأدبي هي جماليات التناص عند المحدثين، و التركيز على مظاهر التشابه والاختلاف باعتبار أن المعنى واحد يمكن أداؤه بأشكال تعبيرية شتى.

لقد ارتبطت فكرة السرقات عند النقاد بثنائية اللفظ و المعنى، و بالتالي فان أدنى تغيير في تركيب العبارة الشعرية يفضي بالضرورة إلى المغايرة. يقول عبد القاهر الجرجاني: " ثم وجدنا بين المعنى في أحد البيتين و بينه في الآخر بينونة في عقولنا و فرقا عبرنا عن ذلك الفرق و تلك البينونة بأن قلنا (للمعنى في هذا صورة غير صورته في ذالك) ". أما بالنسبة للغة العادية فالأمر يختلف، و هذا ما يؤكده جاكبسون بقوله: " حيث إن التغيير على مستوى التراكيب النحوية لا يعكس بالضرورة تغييرا على مستوى الحقيقة المرجعية ". يتضح إذن أن انعدام التمييز بين اللغة الشعرية و اللغة العادية أدى إلى القول بثنائية اللفظ والمعنى في اللغة الشعرية، و هو أمر قاصر على اللغة العادية فحسب. كما أدى القول بثنائية اللفظ والمعنى في الشعر إلى نشوء فكرة السرقات.

أما في النقد المعاصر، فيذهب محمد مفتاح إلى أنه من المبتذل أن يقال أن الشاعر يمتص نصوص غيره بحسب المقام أو المقال، و أن الدارسين يتفقون على أن التناص شيء لا مناص منه، فأساس إنتاج أي نص هو معرفة صاحبه للعالم و هذه المعرفة هي ركيزة تأويل النص من قبل المتلقي أيضا. و يضيف الأستاذ الذهبي أن معرفة الشاعر بالعالم تدخل في نطاق معرفته باللغة و هي معرفة يشترك فيها مع الغير، و عليه فان عناصر التأثير و التأثر تصبح أمرا لا مرد له. و من ثم فان كل شاعر يواجه نوعا من (قلق التأثر) حينما يحاول بدوره أخذ الكلمة، فهو يكتب دائما مع أو ضد النص الموجود قبله، و هذا ما يؤكده طودوروف بأن فكرة الشاعر لا تجد إلا كلمات مستعملة، و يدرك كل عمل أدبي في إطار علاقاته مع الأعمال الأدبية الأخرى، و بواسطة الروابط التي تجمعه بها فهو يخلق موازيا أو معارضا لنموذج معين.

و قبل إنهاء هذا الجانب النظري و للمزيد من الإفادة و الإيضاح لا بأس من التذكير بتعريف مصطفى يس السعدني للتناص، و كذا تمييزه عن السرقة، حيث يقول: " و التناص مصطلح ألسني حديث، اتضح مفهومه في كتابات كريستفا و جماعة (تيل كيل) و هو بتعريف (فيليب سولرس): كل نص يقع في مفترق طرق نصوص عدة، فيكون في آن واحد إعادة قراءة لها، و احتدادا وتكثيفا و نقلا و تعميقا. بهذا يصبح النص بتعبير بارت (جيولوجيا كتابات) تعتمد على تحويل النصوص السابقة و تمثيلها في نص مركزي يجمع بين الحاضر و الغائب في نسيج متناغم مفتوح، قادر على الإفضاء بأسراره النصية لكل قراءة فعالة تدخله في شبكة أعم من النصوص".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير