تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر]

ـ[المساوي]ــــــــ[02 - 04 - 2007, 03:44 ص]ـ

:::

نحو نقد إسلامي تطبيقي:

هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر (*)

وقفة عند العتبة الأولى لديوان الدكتور عبد الغني التميمي

قراءة في أبجديات " رسالة من المسجد الأقصى "

الأستاذ عبد الرزاق المساوي

على سبيل التقديم:

لقد قيد الله سبحانه وتعالى للأدب عامة وللشعر خاصة رجالا ونساء لهم قلوب وأفئدة تفقه فقه اليقين قوله تعالى من أواخر سورة الشعراء:) (( .. إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا .. ))) (الآية:226) .. ولهم عقول ووجدانات تضبط وتعقل أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ("إن من البيان لسحرا") " (البخاري وأبو داود والترمذي ومالك) و" (" وإن من الشعر حكمة") " (البخاري وأبو داود والترمذي والدارمي وابن حبان) .. ولهم أنفس وأرواح تدرك أحسن الإدراك قوله صلى الله عليه وسلم: " (" إن الله كتب الإحسان على كل شيء") " (مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي) .. ولهم ألسنة وقرائح تصدق وتعيش في أكناف قوله صلى الله عليه وسلم: " (" إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه والذي نفسي بيده فكأنما ترمونهم نضح النبل") " (صحيح ابن حبان ومسند أحمد والبيهقي والترمذي والنسائي وغيرهم بألفاظ متقاربة) .. فأفرغ هؤلاء البواسل على هذا الأدب من فقه قلوبهم وأفئدتهم، وأطروه بمدركات عقولهم ووجداناتهم، وأفرغوا عليه عبقا من أنفاسهم وأرواحهم، وأطلقوه مدويا من صدق ألسنتهم وقرائحهم، وأصبغوا عليه تصورهم للكون والحياة والإنسان والوجود والأشياء ما ظهر وما بطن، ما خفي وما تجلى، ذلك التصور المنبثق عن دين الله عز وجل تحت شعار " (" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ") " (البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة ومالك وغيرهم)، والمنطلق في أساسه وعمقه من قوله تعالى:) ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين))) (الأنعام:165) .. ليصل في ركبه المبارك إلى قوله تعالى: (((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله))) (آل عمران:110)

من هنا وانطلاقا من قوله تعالى: (((ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل حين بإذن ربها))) (إبراهيم:27) .. جعل هؤلاء الرجال والنساء أصحاب الكلمة الأدبية الطيبة ذلك النشاط الإنساني المتميز الذي هو الأدب/الإبداع يتصف بصفة من أعلى الصفات وأسماها، وينعت بأفضل النعوت وأعلاها، ويتزين بأحلى الكلمات وأرقاها، ويسكن بجانب أغلى الألفاظ وأغناها .. فقيل له "الأدب الإسلامي" (1) ..

كما قيد عز وجل لهذا الأدب الإسلامي فرسانا أشاوس في كل زمان وفي كل مكان يذودون عن حماه، ويحفظونه من الملمات، ويدفعون عنه النائبات، وينفضون عنه غبار الزمن كلما طال وتحقق منه النسيان، فلا تكاد تجد فترة من فترات التاريخ بدون أدب إسلامي .. منذ إشراقة الشمس الربانية بالرسالة المحمدية، ومن يوم أن نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم للشاعر العظيم حسان بن ثابت رضي الله عنه منبرا في المسجد الشريف (2) إلى يومنا هذا .. حيث فتح هؤلاء الفرسان باب الاجتهاد والجهاد بالسنان واللسان والأقلام، شفهيا وورقيا وبصريا وإلكترونيا، أو في كلمة موجزة فتحوا الأبواب على مستوى إعلامي عالمي متنوع .. وإن سعى كثير من الناقمين أو المغرضين – قدامى ومحدثين مستشرقين أو مستغربين أو مقلدين أو منفتحين ... - إلى محاولة طمس معالم هذا الأدب العظيم، وإزاحته عن الواقع المعيش، وطرده من عالم الأدب والفن والثقافة، إما بالتحريض على مقته وذمه تحت ذريعة الفهم غير السوي لقوله تعالى:) (( .. والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون))) (الشعراء:226) .. وقوله صلى الله عليه وسلم" (" لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا") " (مسلم والترمذي وابن ماجة وابن حبان وأحمد والبيهقي والبخاري في الأدب المفرد) .. وإما بالتركيز على الهفوات الأدبية التي انتشرت على أرضيته وطغت على ساحته لفترة من التاريخ، وإبرازها بشكل مثير وتسليط الأضواء عليها واعتبارها هي المعبر الحقيقي والوحيد على الحقيقة الأدبية لفترة أو فترات من حياة المسلمين،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير