تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[الدهماني]ــــــــ[16 - 01 - 2007, 12:00 م]ـ

(لازال):

مما تعرض له بعض الباحثين استخدام (لا زال) بمعنى النفي من غير تكرار، قال محمد العدناني - في كتابه: معجم الأخطاء الشائعة ص114 - : [و يقولون لازال أخي مريضًا. و الصواب: ما زال أخي مريضًا؛ لأن (ما زال) من أفعال الاستمرار الماضية التي تُنفى بـ (ما) و ليس بـ (لا). و نحن نقول: ما أكل فلان، و لا نقول: لا أكل فلان، إلاّ إذا كررنا (لا)، و قلنا: لا أكل فلان و لا شرب. و قد شذ استعمال (لا) دون تكرير في حالة واحدة، و هي حالة الرجاء و الدعاء، كقولنا: لا زال مالك وافرًا (دعاء)، لا برحت مجاهدًا (رجاء)]. و نحو هذا قول محمد علي النجار و إبراهيم اليازجي و زهدي جار الله.

قلت: قد قال بعض العلماء ذلك – أعني وجوب التكرار في نفيّ الماضي بـ (لا) - قال ابن هشام: [الخامس: ... فإن كان ما بعدها جملة اسمية صدرها معرفة أو نكرة و لم تعمل فيها، أو فعلاً ماضيًا لفظًا أو تقديرًا، وجب تكريرها ... و إنما تُرك التكرار في (لا شُلت يدك) ... لأن المراد الدعاء، فالفعل مستقبل في المعنى، و مثله في عدم وجوب التكرار بعدم قصد المضيّ إلاّ أنه ليس دعاء قولك: (و الله لا فعلت كذا) و قول الشاعر:

حسب المحبينَ في الدنيا عذابهم ** تالله لا عذّبتْهم بعدها سقر

و شذّ ترك التكرار في قوله: ... و أيّ أمرٍ سيِّء لا فَعَلَه ... ] – مغني اللبيب 1/ 242، 243 – و زال فعل ماض، يجري عليه ما يجري على أخواته من الأحكام، فهل يثبت بذلك صحة ما ذكره العدناني؟. قبل الإجابة يجب بحث أقوال العلماء في المسئلة، و جمع ما يمكن جمعه من شواهدها، و من ذلك تبين لي أن المسئلة ليست محل إجماع، فقد نُقل عن الأخفش و غيره عدم اشتراط التكرار، قال القرطبي – متحدثًا عن الماضي المنفي بـ (لا)[لم يشترط الأخفش أن يعقبه بشيء آخر، والعرب تقول: لا ذهب، أي لم يذهب] – تفسير القرطبي 19/ 113، 114 - . و قد جاء المنفي غير مكرر في قوله تعالى:) فلا اقتحم العقبة (- الآية 11 من سورة البلد – ففي تفسير هذه الآية قال في التبيان في تفسير غريب القرآن 1/ 463: [أي لم يقتحمها، و (لا) مع الماضي بمعنى (لم) مع المستقبل كقوله: ... و أيّ عبد لك لا أَلَمّا]، فأرجح الأقوال و أقربها إلى القبول القول بأن (لا) نافية، أما التأويلات البعيدة لحمل المعنى على غير ذلك، أو تقدير التكرار فإنه لا ينفي صحة القول الأول و مما يؤكد ذلك اكتفاء بعض المفسرين به – لزيادة تفصيل ينظر: تفسير البيضاوي 5/ 493، وتفسير القرطبي 20/ 66، وتفسير ابن كثير 4/ 514، و تفسير الطبري 30/ 201، و تفسير أبي السعود 9/ 161، و تفسير الواحدي 2/ 1204، و تفسير البغوي 4/ 489 –، و ما ورد في القرآن لا يكون شاذا أو قليلا بل هو أرقى درجات العربية. و من الشواهد على صحة استعمال (لا) في نفي الماضي دون تكرار ما رواه البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [لا زلت أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ... ] – السنن الكبرى للبيهقي 7/ 11 – فـ (لا) هنا لا تحتمل وجها غير النفي و قد جاءت دون تكرار. أمّا الشواهد الشعرية فهي أكثر من أن تحصى، منها قول عنترة مفتخرًا:

و حقّكِ لا زال ظهر الجواد ... مقيلي و سيفي و درعي وسادي

و لا يصح حمله على الدعاء إذ لا فخر في دعائه بأن يكون كذلك، و مثله قول حسان – رضي الله عنه – يصف غزوة بدر الكبرى:

لازال كعب يستهل دموعه ... للهالكين مُجدّعًا لا يسمع

و قد وقع هذا التركيب في كلام العلماء كثيرًا، من ذلك قول المرزوقي في شرح ديوان الحماسة 1/ 383: [ثم لا زال يترقّى إلى أن تولّى العراق]، و جاء نحو ذلك في الحماسة البصرية 1/ 2، و صبح الأعشى 1/ 322، 7/ 410، و غير ذلك، و لم أجد اعتراضًا على أحد منهم في المصادر التي اطلعت عليها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير