تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي الخريف تحصل أصناف ما يتمول، وتدَّخر أقوات الخلائق الممسكة لأرواحها إلى الخريف القابل، وفيه يكون الزعفران، وله على جميع أنوار الربيع فضل، وله ورد يطلع كنصل السهم وقرن الخشف، في لون الياقوت الأزرق واللازورد المشُوف كالعيون الشهل وأعراف الطواويس، يتفتح عن شعر كخطوط الذهب وكشرر نار تلوح من حدائق البنفسج كألسن الحيات المنضنضة، ويطلع ورد الزعفران البري في السنة مرتين، غير أن البري ليس له زعفران ولا حشيش، وفيه يُجْتنى النخل وتحرز أعسال النحل وتقطف الأعيان التي فيها المنافع، وتُجْنى الأقطان التي قيها لباس الناس وزينتهم أحياء وسترتُهم أمواتاً، وفيه يقطف اللوز والجوز والعناب والزعرور وغير ذلك، وفيه تتناكح ذوات الأظلاف الانسيّة والوحشية، وفيه مطارح البزاة وسائر الجوارح، وفيه الأترجُّ وأوراقه، وله ورد كالفاغية وينفتق عن مثل خرز الزبرجد، ويعظم وتُشْرَبُ خضرته صفرةً، فإذا خلصت الصفرة صار كقلالٍ ظاهرها ذهب وباطنها فضة. فيها حبّ كاللؤلؤ والمرجان، وقشره ينفع الممعود، وله إذا عُرِكَ أريجٌ ذكي، ويستخرج منه دهنٌ أذكى من الند، وله حماض لذيذ يطيب للمقرور وينفع المحرور، وإذا تصرمت الرياحين في البساتين فالأترجّ غضٌّ طري، وقد اجتمع فيه وفي العنب الطبائع الأربع.

وقال أبو محمد ابن المقتدر: وفيه يكال الأرز، وهو أحد الأقوات المحتاج إليها، ولا يقوم مقامه شيء لأنه أولى أغذية بني آدم صغاراً وكباراً، وقد يُستغنى به عن الحنطة ولا يستغنى بها عنه، لأنه يغذو المراضيع في الأوقات لتي لا يصلح لهم أكل الخبز فيها، وبغلَّته وعظمها وكثرة ريعها يضرب المثل.

وفي الخريف يبلغ قصب السكر الذي هو قوام أبدان الناس، وحاجتهم إليه ماسة، ولا يعتاضون بغيره، فهو أطعمة الأصحاء وحلواهم، وفيه شفاء المرض وأقواتهم، لأنه أصل سائر الأشربة والمعاجين الحارة والباردة والمزوّرات والأغذية، وهو قوام الناس في صحتهم وغَناؤهم في أمراضهم؛ وفيه تخرج الجوارح من قرنصتها ويُستحبّ الصيد وتكثر محاليف الدراج، ويمكن الصيادين من جهات كثيرة: أحدها أن الغلات تكون قصاراً لم تطل فتمنع وتستر ما يستتر بها من الطير والوحش، وأخرى أن الجوارح لا تعمل في الحرّ إلا ساعةً في برد الهواء، وقد تعمل في الخريف والشتاء طول نهارها، والكلاب فلا تعمل في الحرِّ بوجه ولا سبب ولا تطعم نهاراً، والملوك والمترفون الذين يخرجون إلى الصيد بالجوارح لا يعرّضون بنفوسهم لحرّ الهواجر، ولا يخاطرون بمهجتهم من أجل الصيد، ولا ينشطون له إلا في البرد وطيب الهواء والزمان.

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 04:48 م]ـ

أماني:

مرض أحد الصحابة يوماً، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنه الرسول، فقيل له: إنه انتقل إلى رحمة الله، فقال ألم يقل شيئاً، فقيل له إنه حين وفاته قال: ليتها كانت كثيرة، ليتها كانت الجديدة، ليته كان كاملاً، فلم ندر ماذا يعني بذلك، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام، إن هذا الصحابي كان يسعى ذات يوم جمعة، مهرولاً إلى المسجد، فوجد في الطريق رجلاً ضريراً، وليس معه من يقوده، فأخذ بيده إلى المسجد، فعند الموت رأى ثواب ذلك فقال: ليتها كانت كثيرة.

وكان في يوم من أيام الشتاء القارس، يسعى إلى صلاة الصبح، فوجد رجلاً بالطريق، يكاد يموت من شدة البرد، وكان يلبس حُلتين إحداهما جديدة، والأخرى قديمة، فأعطى الرجل القديمة، وعند الموت رأى ثواب ذلك، فقال ليتها كانت الجديدة.

وفي أحد الأيام، رجع إلى داره، فسأل امرأته عما لديها من طعام، فقدمت له رغيفاً من خبز الشعير، فلما هم بتناوله، إذا بطارق بالباب يقول: إني جائع، فأعطاه نصف الرغيف، وعند موته رأى ثواب هذا فقال ليته كان كاملاً.

(من كتاب:

المستطرف في كل فن مستظرف؛

للأبشيهي)

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 05:15 م]ـ

معنى بيت يفسره الأصمعيّ:

عن الأصمعي أن رجلاً

وقف عليه فسأله عن معنى هذا البيت:

وماذا عليها من قلوصٍ تمرَّغت = بعكمين أو ألقتهما بالصحاصح

فقال له عمي: هذا الرجل كان مفرداً، وكانت عنده امرأة فطلَّقها ونكح أخرى، فلقيت

المرأة الأولى صاحباً للرجل فقالت: ما فعلت صاحبة فلان؟ قال: هي كما يحبّه، فقالت:

كلاّ لقد تمرّغت بعكمين أي ساء خلقها عليه وكرهته، فبلغ ذلك الرجل، وكان اسمه المرأة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير