الأولى أسماء، فقال:
نعرَّض أسماء الركاب عشيّةً = تسائل عن ضغن النساء النواكح
وماذا عليها من قلوصٍ تمرَّغت = بعكمين أو ألقتهما بالصحاصح
وهذا مثلٌ، وليس هناك قلوصٌ ولا عكمان.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[09 - 04 - 2008, 05:26 م]ـ
وفي الخريف:
يقدم طير الشتاء من الجبال والبلاد الباردة، مثل الكراكي والإوز واللغالغ مما يتصيّد بالجوارح وسائر آلات القنص والرمي بالبندق وغيره.
وفيه تُقطَع أنابيب الأقلام وتجلب من كلّ مكان، وهو أوان إدراكها وصلابتها واستقامتها، ولولا الأقلام وقفت أمور الناس ولم تنمَّ لهم شهادة ولا قضيّة ولا بيع ولا شراء، ولا تُضْبَط العلوم وتقيّد الأخبار إلا بها.
وفي الخريف يكون الدرّ الذي جعله الله زينةً للعباد، وحبِّبَ للناس وتجمَّل بلبسه سائر الأمم. وفُضِّل على سائر الأحجار النفيسة من الذهب وغيره، مع ما فيه من المنافع والبرء من الأمراض الصعبة وإدخاله في الأكحال، وهو أنفسُ ذخيرة وأخفُّها محملاً.
وقد يمكن الانسان أن يحمل معه من الجواهر ما قيمته خمسمائة ألف درهم لا تعييه ولا تؤذيه.
ولا يمكنه حملُ ألف درهم إلا بمشقة ولا يستتر ولا يخفى، ولذلك أدّخره الملوك وجعلوه عدّة للشدائد.
والخريف أصحُّ السنة زماناً وأسلمها أواناً، والشمس فيه بالميزان، وهو أحد الاعدلين المتوسطين حين أطلعت السماء حوافل انوائها، وتأذَّنت بانسكاب مائها، وصَفَت الموارد من كدرها، وتهذّبت من عكرها، وخلصت الأرض من حمارة قيظها ورمضائها؛ وإجماع الناس على محبة ريح الشمال وإيثارها على الرياح الأربع مشهور لا اختلاف فيه، وإنما تحمد في الخريف لا في الربيع لأنها في ذلك الزمان تقوي النفوس، وتجذب للناس النشاط والظرف، وتصلح عليها المرضى وتقوى أجسامهم، وكل علّة يطول مكثها إنما تحدث في إقبال الصيف وتُقلع في إقبال دخول الشتاء، وهي تستحيل في الربيع بخلاف هذا لأنها تتلف الغلاّت وتفسدها، ولا يكون سقوط البَرَد فيه إلا في الشمال ولا تكون الزلازل والصواعق إلاّ معها، وقوله عزّ وجلّ: (فأهلكوا بريحٍ صرصرٍ عاتية)، قال المفسرون هي ريح الشمال.
وفي الخريف إقبال كل خير، وفيه المطر الوسميّ الذي يتباشر به الناس ويتبركون به، وتكثر عليه العمارة وتزيد فيه الأنهار، ويكره المطر في الربيع لأنه يفسد الغلاّت ويهدم المنازل، فهو في الخريف سقيا وشراب، وفي الربيع صواعق وعذاب، وفي هذا غيثٌ يُرجى صلاحه، وفي ذاك غيث يُخشى فساده؛ وبرد ماء الخريف مستطاب دون ماء سائر السنة؛ وكانت العرب تقول في من مات في أول الخريف: مات ولم يشرب ماء الخريف.
وكان ابن الرومي يفضل الخريف على سائر فصول السنة، وقال وهو يجود بنفسه:
ما آسى من دنياكم إلاّ على ثلاث:
هواء التشارين والرطبِ الأزاد كأنه أولادُ الملوك في الغلائل الممسكة، واطلاعةٌ في وجه نجاح.
ـ[الحامدي]ــــــــ[21 - 04 - 2008, 11:36 م]ـ
مرحبا بأخي الفاضل الدكتور مروان، الذي شرف هذا الموضوع بإطلالته البهية.
والشكر موصول لكل المشاركيين في هذا الموضوع.
ـ[الحامدي]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 09:51 ص]ـ
حرف من الغريب (من العقد الفريد).
قال أبو الأسود الدؤليُّ لأبي علقمة: ما حال ابنك؟
قال: أخذته الحمى فطبخته طبخا، ورضخته رضخا، وفتخته فتخا، فتركته فرخا؛
قال: فما فعلت زوجته التي كانت تشارُّه وتهارُّه وتمارُّه وتزارُّه؟
قال: طلقها، فتزوجتْ بعده، [فرضيتْ] وحظيتْ وبظيتْ!
فقال له: قد عرفنا "حظيتْ" فما "بظيتْ"؟!
قال: حرف من الغريب لم يبلغك؛
فقال: يابنَ أخي، كلُّ حرف لا يعرفه عمك فاستره كما تستر السنَّوْرُ خُرأها!.
ـ[المهندس]ــــــــ[24 - 04 - 2008, 04:21 م]ـ
أتعرف يا أخي الكريم أن هذه الجملة (أضحك الله سنك) مما يسمى عند البلاغيين الذم بما يشبه المدح فهذه الجملة هي الدعاء بالموت على من تخاطبه لأن معنى أضحك الله سنك أي أماتك (من الموت) ... تحياتي
أخي هلا بينت لنا لغويا كيف كانت دعاء بالموت.
ولو كانت كما تقول لكانت مدحا بما يشبه الذم، لا ذما بما يشبه المدح،
كمثل "ويل أمه من مسعر حرب"
وقد صح أن الصحابة قالوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري في صحيحه قال:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ثُمَّ قَالَ أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ
¥