تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقال عن الرواية العربية في ظل التفاعل الثقافي]

ـ[30131]ــــــــ[09 - 02 - 2010, 07:33 م]ـ

:::

الرواية العربية في ظل التفاعل الثقافي

سؤال الرواية العربية هو سؤال المجتمع في حركته وسكونه وتفاعله وتحولاته وهدوئه وصخبه ومخاضه .. لأن الرواية ما هي إلى صورة لهذا المجتمع ومساءلتها هي مساءلة لهذا المجتمع نظرا للعلاقة الوطيدة التي تربطهما .. فالمجتمع هو بيت قصيد الرواية ولحن نشيدها ونبعها الذي لا ينضب، كما نعتبره مضخّتها الحرارية ومجالها الحيوي الذي ينفث فيها دما حارا يحيي أوردة الرواية ويجعلها حيّة نابضة، إذا كان هذا المجتمع حيّا خصبا متنوّعا قادرا على العطاء والولادة و شتّانا بين "الحمل الطبيعي الذي يصاحبه عسر الولادة والحمل الكاذب الذي يصاحبه صداع الرأس"

ضمن هذا المجتمع الإطاري الناظم،تزخر الرواية بمحافلها السردية المتنوّعة حكائيا وتنبش في تلك الأخاديد السرّية للوقائع والأشياء الخفيّة المعتمة.

ولا ننكر أن القرن الواحد و العشرين هو عصر المعلومة، عصر التواصل الثقافي والسياسي والاجتماعي و الاقتصادي،وأصبحت فضاءات التفاعل الثقافي في ظلّ نظام العولمة الذي فرضته طبيعة العصر الذي أزال الحدود ليفتح المجال للاقتصاد التجاري الحر إضافة إلى الدولة المركزية التي تمثّلها أمريكا ودول الغرب حيث تعتبر مركزا جاذبا للكل .. وبقيت دول العالم في فلكها تسبح اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، وأصبحت هناك شراكة قائمة على الحوار وتفهّم الآخر، وأصبحت الهويّة القطرية في خبر كان نظرا لهيمنة البعد الثقافي الحضاري،واحتكاك الشعوب ببعضها بعضا أكثر واقتربت في عاداتها وتقاليدها ونظم حياتها وتقلّصت الهوّة بين الأنا والأخر خاصّة مع فضاء الانترنت وشبكة المعلومات ووسائل الإتصال السريعة حيث " تنتج التكنولوجيا الحديثة للمثقف العربي الحديث الآن مالم تتح له من فرص في القدرات السابقة سواء في مجال الإبداع أو البحث أو التواصل مع الآخر، فالحاسوب أداة مهمّة وطيّعة للكتابة بطريقة مرنة وبحسب رغبات الكاتب،كما أن البريد الإلكتروني يتيح إمكانية التواصل بسرعة وبشكل أفضل من كلّ الوسائل السابقة، والإنترنت يفتح مجالا لا منتهيا في سبيل تحصيل المعلومات و المعارف وفي كلّ الاختصاصات وبكلّ اللغات" وممّا لا ريب فيه أن هذا الزّخم المعرفي المتراكم سيبقى راسخا في ذاكرة المتلقي ومثيرا لخياله عبر النبش المستمر في مخزون الذاكرة،كما أن هذا التفاعل يجعل الروائي يوّظف الكثير من النصوص المهاجرة لتغذية وتحريك وتجديد العملية السردية نسيجا وبناء تبعا لهذا التجديد الذي يلمسه في مجتمعه كما يعمل على توليد وابتكار الأساليب والأنساق الحكائية المنسجمة مع تلك التحولات الكبرى في نسيج المجتمع الذي بدأ يتجدّد بتجدّد أوردته الدموية التي تغذت بفعل عوامل كثيرة أنتجها العصر، فهاهي الرواية تتلّون الآن بتلوينات عديدة تظهر فيها عطاءات الشعوب والأمم والثقافات، ومن هنا تكمن المفارقة، حيث كانت الرواية تضرب على وتر واحد، ولحن واحد، و هاهي الآن تزاوج وتمزج بين أنواع شتّى جعلها أكثر خصوبة وأقوى نماء بعد أن شحّت وشحبت وبخلت ولم تعد في مستوى مطالب الشعوب ومستجدات العصر وحالها هنا أشبه بتلك الأرض التي كانت خصبة يوما ما فأينعت وأزهرت وأثمرت ولكن بعد مدّة وطول جهد ستصبح أرضا بوارا لا زرع فيها ولا كلأ غير قادرة أن تعطي فتصاب بالشحوب و العقم إذا لم نسارع في تجديد دمائها بالأسمدة و الأدوية حتى تعاد لها صحّتها و عافيتها.

والأسمدة هي نوع مغذي للأرض بمواد عضوية عدّة شبيهة بتلك الثقافات المتفاعلة المغذيّة والمنتجة للرواية العربية خصوبة ونماء و تطورا فيتجدّد نسيجها وتفور الدماء في خلاياها ويقوى بناءها ويشتدّ عودها، وأصبحت بلاغة القص كعنوان أو مؤشر يلخّص هذه التجربة و يستقطر رحيقها وعصارتها الجمالية،حيث الكلمة المبدعة البسيطة والرائعة، وتحوّلت الرواية إلى وسيلة أكثر إنصاتا والتقاطا لإيقاعات و نوا بض حياتنا، كما نجدها أكثر سلاسة و شفافية على مستوى البناء والأسلوب واللغة وأصبحت بالفعل "هي سيدة السرد القصصي باعتبارها ملحمة العصر حسب هيجل، وديوان العرب المعاصر حسب حنامينة " فالمجتمع يمثل للرواية عمقا جغرافيا وتاريخيا وأسطوريا وجماليا ... كما يمّثل تلك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير