[القطن المصري:: شعر:: صبري الصبري]
ـ[صبري الصبري]ــــــــ[09 - 04 - 2010, 01:55 م]ـ
القطن المصري
****
شعر:: صبري الصبري
****
يا تبر مصر الأبيض المتلالي
يا من رحلت إلى أليم مآلِ
يا من تركت هنا الحقول حزينة
تبكي غيابك يا فقيداً غالي
قد كنت فيها ناضراً متألقاً
تسمو سمواً في سماء معالي
فذاً كريماً شامخاً متطهراً
بندى الصباح الطيب الهطالِ
تهتز بالأرجاء هزة عاشق
متشوق في رقصة المختالِ
وتداعب الصبح الرقيق بشمسه
حتى تؤوب الشمس بالآصالِ
وتصافح الجو العليل نسيمه
يسري على الأزهار والأطلالِ
قد كنت قطناً بالحقول تَزِينُها
بجلالك الممدود بالأميالِ
فكأنما مصر الحبيبة حينما
تأتي إليها تكتسي بنوالِ
وتعيش في سعد لأن حبيبها
قد حل فيها بالسخا والمالِ
تهتز آفاق البرية عندما
تأتي تلاقي أحسن استقبالِ
كالشمس تشرق في الفضاء منيرة
كالبدر يسكب نوره بليالي
بالعزِّ تأتي بالمهابة لا يرى
فلاَّح مصر مكائد الإذلالِ
والناس تشدو بالحقول نشيدها
في حبك المغروس في الأوصالِ
وقوافل السعي الدءوب على المدى
تمضي إليك بلهفة استرسالِ
وبلابل الحب الأصيل ترنمت
بالشوق غنَّت أجمل الموالِ
في حب مصر بنيلها وبقطنها
غنَّى نشيد الحب للأجيالِ
يا ويح من جَزَّ الحقول بهاءها
وأهالها في الجدب والأوحالِ
يا بؤس من حَزَّ الأراضي قطنها
فاسترسلت في دمعها المتوالي
وبكت عليه بحزنها وببؤسها
تشكو لرب واحد متعالِ
وتقول يا أهل الكنانة مالكم
جمعاً رضيتم تلكم الأهوالِ
ورضيتم القطن الجميل بسقمه
فينا يعيش كمثلنا بوبالِ
سأظل أذكر بالحقول نضارها
يزهو بها في نضرة وجمالِ
وأطالع الأيام تاريخاً له
يحكي حكاية قطننا المتلالي
وأعيش في ذكراه أشدو بالذي
في مصر كان بأحسن الأحوالِ
حتى استحال بأزمة مقرونة
بجريمة قد دبرت بنكالِ
أعداء مصر المعتدين بظلمهم
قد دبروها كلهم بضلالِ
لما هوى قطن الحبيبة أسعدوا
غنُّوا غناءً شامت الأقوالِ
باعوا المصانع للنسيج وخصخصوا
غزلاً وفروا مثلما الأنذالِ
يا قطنُ يا هرمَ الزراعة إنني
أبكي عليك بحسرتي ومقالي
وأعيش في كهف الهموم تلومني
ذكراك أضحت بيننا كمحالِ
لكن مصر بقضها وقضيضها
تحياك في عيش لها وخيالِ
ستعود يا قطن الكنانة مقبلاً
فينا بحق أروع الإقبالِ
نلقاك يا تبر الحقول بفرحة
في بهجة وسعادة لرجالِ
بقرى الحبيبة مصرنا كم تزدهي
بالقطن يلقى أحسن الإجلالِ
ومواسم الجني البهيج حصادها
تبراً تلألأ في كفوف عيالِ
ونساؤها بين الحقول تكحَّلت
أهدابها بغبارك المكحالِ
ستعود يا قطن البهاء مجدداً
مثل العروس بزفة الخَيَّالِ
صنعت فراش زواجها من قطنها
ومشت إليه برنة الخلخالِ
ورنت إليه بوجهها في قلبها
حبٌّ وأدلت أصدق الأقوالِ
سيعود أولادي لقطن بلادهم
عودا حميدا في حمى الأبطالِ
سيقوم قطن الخير من كهف الردى
يحيا حياة العز باستبسالِ
ويلوح للفلاَّح فيها بالندى
والرزق في كسب له بحلالِ
ويؤول من ترك الحقول سليبة
من قطنها للخسر والأعطالِ
يحيا بخزي الخائنين بلادهم
في حسرة وكآبة وخبالِ
وتظل مصر بقطنها بحقولها
تزدان بالتبر الأصيل العالي
صلى الإله على النبي المصطفى
طه الحبيب المجتبى والآلِ!!