تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنّي رَاحِلة

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[19 - 05 - 2010, 04:55 ص]ـ

ألقت بفنجان القهوة على الطاولة , محاولة لفت انتباه جبل الجليد الجالس أمامها على المقعد الثاني , وقع مقلوباً كما أرادت , القليل من رملة البُنّ لونَ الفوارق البيضاء في أوراقه المُبعثرة أمامهما على الطاولة , لم يحرك ساكناً , نظرت إليه رفعت حاجبيها مُتمتمة للقرار المختلج في نفسها , لم يُثمر هذا شيئاً , قررت مصارحته بصوت عال , أنت أيها العاشق المُدّعي! إني راحلة! بعض ٌ ممن في المطعم سكنت أصواتهم فجأة , نظرت إليهم فوجدت أعينهم تحملق فيها , ردت النظرة بالنظرة ولم تبالِ , أخذت توزعها يميناً ويساراً حتى عاد الوضع طبيعياً كما كان , لم تقل أي كلمة , رمقتهم فقط , لكن لسان حالها مالكم أنتم , همّت بالقيام , وما من جديدٍ من جانب هذا العاشق وكأنها ما عرفته قط , وقفت متكئة ممسكة بطرف الطاولة تلملم ما لها , جرّت بغيظ الكرسي الثالث , عليه حقيبتها ومعطفها , ثم اعتدلت في وقفتها وأردفت له , من أين أتيتَ بتلك اللامبالاة معي , متى تحولت إلى قاس , لم أعهدك سوى حنوناً مهتماً بي وبكل تفاصيلي , حتى ثرثرة حديثي ما كنتَ تصم أذنيك عنها يوماً ,! إني راحلة! , طالعها أخيراً , لكنه ليس معها , عيناه في عينيها , وجهه أمام وجهها قبلته إلى جهتها , لكنه في شرود تام , أخيراً حرَّك قلمه على ورقة لم تذق طعم القهوة المسكوبة , ظنت أنه سيكتب لها شيئاً , فكان كثيراً ما يُعبِّر عن إرادته الموجهة لها ببضع كلمات على ورق لتقرأها , كانت تسعد كثيراً بتلك الطريقة وكلها إيمانٌ بأنّ صمته مأخوذ من إيمانه بأنّ الصمت أبلغ من الكلم , واصل الحديث مع الورق وهي تنتظر تحولت ملامحها رويداً رويداً إلى ملامح امرأة عجوز , قبل قليل كانت كإحدى بنات العشرين , رويداً رويداً لم يُحرّك يديه ليناولها الورقة , بل واصل الكتابة وواصل الشرود والتفكر , نادى على النادل , أعطني القليل من الماء من فضلك , لم يقل لها أي شيء , لمَ أنت واقفة لمَ أنتِ مضجرة إلى هذا الحد لم يقل أي شيء , كأنها غير موجودة , أسرعت في الانصراف , كأن المسافة بين باب المطعم وبينها ملايين الأميال , هي لا تريد الخروج , أبطأت حركتها بعد سرعة , تريد الالتفات للوراء , تتنصت ألقت بسمعها للخلف عله يُناديها , ما من جديد هو كما هو والمسافات بينهما كما هي , أثناء ترددها هذا وتشتتها بين عودة وذهاب, صدمها رجلٌ مصطنعاً حسن النية في ذلك , معه القليل من الورد أراد مناولتها واحدة , بادرته قبل أن يتخذ القرار , بابتسامة باردة ثم نظرة حادة , وقررت أخيراً العودة لتلك الطاولة فإن روحها هناك عنده , عادت مرتين وهمّت بالرحيل مرتين , وهو كما هو على حاله لا يتغير , نادت النادل , القليل من الماء , همّت بشربة واحدة , لم تشرب , بكت صرخت من جديد نظرات الحضور لها ونظراتها للحضور , من جديد عادوا لطبيعتهم , تبكي تصرخ , ثم راحت إلى زاويته وقبلة تفكيره حيث تستقر رأسه , فسكبت الماء من الكأس , كسرسوب النهر في عين بالجبل عند ولادة الماء وخروجها للحياة. وأردفت مجدداً في نفسها ,! إني لراحلة! , قال في سرِّه لا لا بل أظنك لن تفعلي.

ـ[الخطيب99]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 09:24 ص]ـ

قصة جميلة أعجبني أسلوبك السردي فيها

لكني أظنها سترحل لقاء ذلك البرود والامبالاة

التي امتاز بها آدم هنا

فهي تعود إليه لتشبع رغبتها بالشعور بالأمان والرعاية

باقة ورد

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 11:45 ص]ـ

قصة لطيفة معبرة أخي الكريم نور الدين

ولي وقفة متأنية لاحقاً بإذن الله

بارك الله فيك ووفقك

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 01:41 م]ـ

جميل أخي نور الدين.

ـ[أبومحمدع]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 02:15 م]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير