تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألقت بفنجان القهوة على الطاولة , محاولة لفت انتباه جبل الجليد الجالس أمامها على المقعد الثاني , وقع مقلوباً كما أرادت , القليل من رملة البُنّ لونَ الفوارق البيضاء في أوراقه المُبعثرة أمامهما على الطاولة , لم يحرك ساكناً , نظرت إليه رفعت حاجبيها مُتمتمة للقرار المختلج في نفسها , لم يُثمر هذا شيئاً , قررت مصارحته بصوت عال , أنت أيها العاشق المُدّعي! إني راحلة! بعض ٌ ممن في المطعم سكنت أصواتهم فجأة , نظرت إليهم فوجدت أعينهم تحملق فيها , ردت النظرة بالنظرة ولم تبالي , أخذت توزعها يميناً ويساراً حتى عاد الوضع طبيعياً كما كان , لم تقل أي كلمة , رمقتهم فقط , لكن لسان حالها مالكم أنتم , همّت بالقيام , وما من جديدٍ من جانب هذا العاشق وكأنها ما عرفته قط , وقفت متكئة ممسكة بطرف الطاولة تلملم ما لها , جرّت بغيظ الكرسي الثالث , عليه حقيبتها ومعطفها , ثم اعتدلت في وقفتها وأردفت له , من أين أتيتَ بتلك اللامبالاة معي , متى تحولت إلى قاس , لم أعهدك سوى حنوناً مهتماً بي وبكل تفاصيلي , حتى ثرثرة حديثي ما كنتَ تصم أذنيك عنها يوماً ,! إني راحلة! , طالعها أخيراً , لكنه ليس معها , عيناه في عينها , وجهه أمام وجهها قبلته إلى جهتها , لكنه في شرود تام , أخيراً حرَّك قلمه على ورقة لم تذق طعم القهوة المسكوبة , ظنت أنه سيكتب لها شيئاً , فكان كثيراً ما يُعبِّر عن إرادته الموجهة لها ببضع كلمات على ورق لتقرأها , كانت تسعد كثيراً بتلك الطريقة وكلها إيمانٌ بأنّ صمته مأخوذاً من إيمانه بأنّ الصمت أبلغ من الكلم , واصل الحديث مع الورق وهي تنتظر تحولت ملامحها رويداً رويداً إلى ملامح امرأة عجوز , قبل قليل كانت كأحدى بنات العشرين , رويداً رويداً لم يُحرّك يديه ليناولها الورقة , بل واصل الكتابة وواصل الشرود والتفكر , نادى على النادل , أعطني القليل من الماء من فضلك , لم يقل لها أي شيء , لمَ أنت واقفة لمَ أنتِ مضجرة إلى هذا الحد أي شيء لم يقل لم يقل أي شيء , كأنها غير موجودة , أسرعت في الانصراف , كأن المسافة بين باب المطعم وبينها ملايين الأميال , هي لا تريد الخروج , أبطأت حركتها بعد سرعة , تريد الالتفات للوراء , تتصنت ألقت بسمعها للخلف عله يُنادي عليها , ما من جديد هو كما هو والمسافات بينهما كما هي , أثناء ترددها هذا وتشتتها بين عودة وذهابا , صدمها رجلٌ مصطنعاً حسن النية في ذلك , معه القليل من الورد أراد مناولتها بواحدة , بادرته قبل أن يتخذ القرار , بابتسامة باردة ثم نظرة حادة , فقررت أخيراً العودة لتلك الطاولة فإن روحها هناك عنده , عادت مرتين وهمّت بالرحيل مرتين , وهو كما هو على حاله لا يتغير , نادت النادل , القليل من الماء , همّت بشربة واحدة , لم تشرب , بكت صرخت من جديد نظرات الحضور لها ونظراتها للحضور , من جديد عادوا لطبيعتهم , تكبي تصرخ , ثم راحت إلى زاويته وقبلة تفكيره حيث تستقر رأسه , فسكبت الماء من الكأس , كسرسوب النهر في عين بالجبل عند ولادة الماء وخروجها للحياة. وأردفت مجدداً في نفسها ,! إني لراحلة! , قال في سرِّه لا لا بل أظنك لن تفعلي.

حييت أخي نور الدين.

أخي نورالدين قبل أن نخوض فيما كتبت مدحا أو رأيا مخالفا لما جاء من أحداث في هذه الجلسة التي جمعت حِبّيْن.

أسأل:

ما سر قسوته عليها؟:).أحب سماع الجواب منك لا أحب أن أحتمل وأنت موجود و قريب منا.

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 08:43 م]ـ

بارك الله فيك أخي الخطيب , مرورك أجمل من قصتي , رأيتَ أنها سترحل , لكن ألا ترى أن ترددها وذهابها وعودتها أكثر من مرة يدل على عكس ذلك؟ , حتى مع البرود والجمود من قبل هذا الرجل؟ ,,, وردك الدمشقي عطّرني فلك مثله من جنبات النيل.

قصة جميلةأعجبني أسلوبك السردي فيها

لنكي أظنها سترحل لقاء ذالك البرود و الامبالاة

التي امتاز بها آدم هنا

فهي تعود إليه لتشبع رغبتها بالشعور بالأمان و الرعايه

باقة ورد

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 08:54 م]ـ

شكر الله لك أستاذتنا الفاضلة , جزيت خير الجزاء , في انتظار عودتك إن شاء الله , عودا حميداً مقدما.

قصة لطيفة معبرة أخي الكريم نور الدين

ولي وقفة متأنية لاحقاً بإذن الله

بارك الله فيك ووفقك

ـ[حديث الروح]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 09:36 م]ـ

نثرت عطرا إذ أخرجت حرفك من قلبك ووضعته في هذه الصفحة شكرا لك أخي نور الدين. دام نبض يراعك

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[21 - 05 - 2010, 03:51 ص]ـ

أحسنت أخي نور الدين

ماكتبته يحمل عناصر للقصة القصيرة .. مقدمة مثيرة للانتباه ثم الحوار الداخلي الذي فكرَت فيه كله

واضح من القصة أنها تهتم برصد مشاعر البطلة ولكنها لم تلق الضوء على مشاعره وصدقت عندما وصفته بالجبل الجليدي العبارات جاءت متقطعة تدل على تقطع في أفكارها وحدة في مشاعرها بل لنقل غضباً

النهاية جميلة إذ تحمل الكثير من الاحتمالات التي يمكن للقارئ أن يفكر بها ولكن أرى أن دخول الرجل الآخر جاء على حين غرة يعني لم يكن متوقعاً وربما جئت به لتؤكد رفضها الآخرين من أجل (الجبل الجليدي)

أسلوب القصة رغم تقطعه واستخدام الجمل القصيرة والطويلة يعطي إيحاءً بما يعتمل في صدرها من غضب وتردد

بارك الله فيك ووفقك

بانتظار المزيد من إبداعك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير