تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شرح قصيدة: ألا من يدعي الفهم]

ـ[جامعية]ــــــــ[14 - 12 - 2006, 12:59 م]ـ

:::

شرح قصيدة أَلا مَنْ يَدَّعِيْ الفَهْمْ

يقول راجي عفو ربه العلي ومؤمل لطفه الخفي والجلي: أبو محمد رضا بن أحمد الصمدي:

الحمد لله الذي أنعم على أوليائه بالفهم، وأفاض عليهم صنوف العلم، فجعلوا العلم والفهم عدتهم في العمل والسعي، وأصلي واسلم على سيد السائرين في طريق الآخرين، وقائد المشمرين فيس سبيل جنة الرضوان، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين: وبعد:

استمعت إلى قصيدة يا من يدعي الفهم بأداء الشيخ العفاسي، فوقعت على معاني عميقة وألفاظ دقيقة، فأحببت أن يعم النفع بها، خاصة لمن استمع إليها ممن قلت بضاعته في اللغة وأسرارها، فكان هذا الشرح المختصر الذي يزيح الستار عن جلي معانيها وبعض خفي مراميها، ولم أطل الوقوف على عميق المعاني وأسرار المباني خشية الإملال وفرار من فرار الراغبين في الإقلال، وأسأل الله تعالى صحة القصد وجميل النية، وعظيم النفع لمن قرأ القصيدة وتدبرها وفهمها وعمل بما فيها.

أَلا مَنْ يَدَّعِيْ الفَهْمْ إِلَى كَمْ يَا أَخَا الوَهْمْ ... تُعَبِّيْ الذَّنْبَ وَالَّذمّْ وُتُخْطِيْ الخَطَأَ الجَمّْ

الشرح: ألا للتنبيه ...

من يدعي الفهم: أي الذكاء والحذق والقدرة على معالجة الأمور.

إلى كم يا أخا الوهم: استفهام إنكاري مَنْبَعُهُ الشفقة والحرص على النصح، والمراد: إلى متى ذهولك عن الحقائق، وانخداعك في نفسك. ونسب المنصوح للوهم وجعله أخا له تأكيدا على أنه غارق في الخدعة لاهٍ عن المكيدة.

تُعَبِّي: مِنْ عَبَّ الماء أي شربه أو تتابع في شربه، وهو استعارة، كأن إتيانه الذنب بعد الذنب سهل كشرب الماء، أو أنه متتابع في ذنبه كتتابع الشارب للماء وهو مُستلذ لا يُنَغِّصُ عليه مُكدر، أو يكون من عَبْوِ المتاع أي تَعْبِيَتُه أي جَمْعُه، أي أنه سادر في وهمه يجمع المعاصي، ذنبا بعد ذنب، كأنه يجمع أمتعته في هذه الدنيا ظانا أنه بذلك سينال خلودا أو يحصّل أمانا ...

والذنب والذم مترادفان، والمقصود بهما المعصية مطلقا، سواء كانا حراما كبيرة أو صغيرة، أو أن الذنب هو الحرام، والذم هو المكروه.

وقوله: تخطي الخطأ الجم أي الكثير الوافر، فلا يتقلل منه بل يكثر ويستكثر.

أَمَا بَانَ لَكَ العَيْبْ أَمَا أَنْذَرَكَ الشَّيْبْ ... وَمَا فِيْ نُصْحِهِ رَيْبْ وَلا سَمْعُكَ قَدْ صَمّْ

الشرح: أما ظهرت لك عيوب نفسك بعد، أما رأيت في بياض شعرك نذيرا بقرب أجلك، أما كان فيه نصحا بدنو الموت وأنه لا ريب فيه، وما إِخَالُ سمعك قد صُمّ حتى تَذْهَلَ عن كل هذه النُّذُر وتنسى كل هذه المواعظ.

أَمَا نَادَى بِكَ المَوْتْ أَمَا أَسْمَعَكَ الصَّوْتْ ... أَمَا تَخْشَى مِنَ الفَوْتْ فَتَحْتَاطَ وَتَهْتَمّْ

الشرح: أما ناداك الموت في كل وقت ترى فيه إخوانك وخِلانك يموتون، أما أَسْمَعَكَ صوتُ الوَعْظِ وَعْظَه، أما تخشى من فوات الفُرَص، وزوال العمر، أما يجعلك هذا كله تحتاط لنفسك وتهتم لأمرك؟؟؟

فَكَمْ تَسْدَرُ في السَّهْوْ وَتَخْتَالُ مِنَ الزَّهْوْ ... وَتَنْصَبُّ إِلَى اللَّهْوْ كَأَنَّ المَوْتَ مَا عَمّْ

الشرح: السَّدَر بفتحات، مِن سَدِرَ كفَرِحَ يَسْدَر وهو الذي لا يهتم ولا يبالي ما صنع، والمقصود أنه يتعمد السهو والنسيان ولا يبالي هل قصّر أم لم يقصر.

والزَّهْو: على وزن العفو، هو المنظر الحسن، أي يعتريك الفخر ويظهر عليك الخيلاء من المنظر الحسن الذي تباري به غيرك وتنافس به سواك.

وقوله تنصبّ إلى اللهو: استعارة تفيد انكبابه على الملذات وجريانه إليها كجريان الماء وانصبابه من عل.

قوله: كأن الموت ما عم، أي كأنه لم ير للموت أثرا بين الناس، أو لم يبصر له نموذجا في قريب أو بعيد.

وَحَتَّامَ تَجَافِيْكْ وَإِبْطَاءُ تَلافِيْكْ ... طِبَاعَاً جَمَّعْتْ فِيْكْ عُيُوْبَاً شَمْلُهَا انْضَمّْ

الشرح: حَتَّامَ، مَنْحُوْتٌ مِن: حَتَّى مَتَى .. والتجافي البعد، أو النفور، والإبطاء في التلافي يعني التواني في تلافي العيب والنقص وإصلاح ما فسد وسد ما انخرم وبناء ما انهدم، والمقصود التوبة والإنابة وإصلاح عيوب النفس وما أتت من الذنوب والمعاصي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير