حتام نحن نساري النجم بالظُلَمِ
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[13 - 01 - 2007, 02:20 م]ـ
:::
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحابته ألي النصرة والوفا, أما بعد:
فإني أقدّم لكم قصيدةً رائعةً من روائع أبي الطيب المتنبي أحمد بن الحسين الجعفي المذحجي ..
والتي قالها بعد هروبه من مصر من كافور الإخشيد ..
وعلةُ إنتقائي لهذه القصيدة بالذات من بين عيون شعره ..
لأنها من القصائد التي لم يذكر بها المتنبي إلا نفسه,
ولم يتحدث مع أحدٍ غيرها فيها ..
وسوف أوردها مع تفصيلٍ لمرادفاتها ومعانيها فيما بعد إن شاء الله تعالى:
قال أبو الطيب المتنبي:
حتّام نحن نساري النجم بالظُلَمِ = وما سراه على خُفٍّ و لا قدَمِ
ولا يُحِسُّ بأجفانٍ يحسُّ بها = فقدَ الرقادِ غريبٌ بات لم ينَمِ
تسوِّد الشمس منّا بيض أوجههنا = ولا تسود بيض العُذْر واللمم
وكان حالهما في الحكم واحدةًَ = لو احتكمنا من الدنيا إلى حكَمِ!
و نترك الماءَ لا ينفكُّ من سَفَرٍ = ما سار في الغيم منه سار في الأَدَمِ
لا أبغض العيس لكني وَقيتُ بها = قلبي من الحزن أو جسمي من السَقَمِ
طردتُّ من مصر أيديها بأرجلها = حتى مَرَقْن بنا من جَوْشَ والعَلَمِ
تبري لهنَّ نعام الدَوِّ مُسْرَجَةً = تعارض الجُدُلَ المُرْخَاة باللجُمِ
في غِلْمةٍ أخطروا أرواحهم ورضوا = بما لقين رضا الأيسار بالزَلَمِ
تبدو لنا كلّما ألقوا عمائمهم = عمائمٌ خُلقت سوداً بلا لِثَمِ
بيض العوارض طعّانون من لحقوا = من الفوارس شلاّلون للنعَمِ
قد بلّغوا بقناهم فوق طاقتِهِ = وليس يبلغ ما فيهم من الهِمَمِ
في الجاهليّة إلا أنّ أنفسهم = من طيبهنَّ به في الأشهر الحُرُمِ
ناشوا الرماحَ وكانت غير ناطقةٍ = فعلّموها صياح الطَّير في البُهَمِ
تخدي الركاب بنا بيضاً مشافرُها = خضراً فراسنُها في الرُّغْلِ واليَنَمِ
مكعومةً بسياط القوم نضربها = عن منبت العشب نبغي منبت الكَرَمِ
وأين منبتُهُ من بعد منبته = أبي شجاعٍ قريع العُرْبِ والعَجَمِ
لا فاتكٌ آخرٌ في مصرَ نقصدهُ = و لا له خلَفٌ في الناس كلهمُ
من لا تشابهه الأحياءُ في شيَمٍ = أمسى تشابهه الأموات في الرِّمَمِ
عدمته وكأنّي سرت أطلبُهُ = فما تزيدنيَ الدنيا على العَدَمِ
ما زلتُ أُضْحِكُ إِبْلي كلما نظرت = إلى من اخْتَضَبَتْ أخفافها بِدَمِ
أُسيرها بين أصنامٍ أشاهدها = ولا أشاهد فيها عِفّة الصَّنَمِ!
حتى رجعتُ وأقلامي قوائلُ لي = المجد للسيف ليس المجد للقَلَم
أكتب بنا ابداً بعد الكتاب به = فإنّما نحن للأسياف كالخَدَمِ
أسمعتني ودوائي ما أشرتِ به = فإن غفلتُ فدائي قلّة الفَهَمِ
من اقتضى بسوى الهنديِّ حاجته = أجاب كلَّ سؤالٍ عن هلٍ بِلَمِ
توهّم القومُ أنّ العجز أقربنا = وفي التقرُّب ما يدعو إلى التُّهَمِ
ولم تزل قلّة الإنصاف قاطعةً = بين الرجال ولو كانوا ذوي رَحِمِ
فلا زيارة إلا أن تزورهم = أيدٍ نشأن مع المصقولة الخُذُمِ
من كلِّ قاضيةٍ بالموت شفرتُهُ = ما بين منتَقَمٍ منه و منتقِمِ
صنّا قوائمها عنهم فما وقعت = مواقع اللؤم في الأيدي ولا الكزمِ
هوِّنْ على بصرٍ ما شقَّ منظرُهُ = فإنّما يقظات العين كالحُلُمِ
و لا تشكَّ إلى خَلْقٍ فتُشْمِتَهُ = شكوى الجريح إلى العقبان والرَّخَمِ
وكن على حذرٍ للناس تسترهُ = و لا يغرَّكَ منهم ثغر مبتسِمِ
غاض الوفاء فما تلقاه في عِدَةٍ = وأعوزَ الصِّدق في الإخبار والقَسَمِ
سبحان خالق نفسي كيف لذَّتها = فيما النفوس تراه غايةَ الألَمِ!!
الدهرُ يعجب من حملي نوائبَهُ = وصبر جسمي على أحداثِهِ الحُطُمِ
وقتٌ يضيعُ وعمرٌ ليت مدّتَهُ = في غير أمّتهِ من سالفِ الأمَمِ
أتى الزمان بنوه في شبيبته = فسرَّهم وأتيناه على هَرَمِ
لولا أنّ فوك قد فُضَّ وصرت رمّةً لقلت لك يا أبا الطيب لا فض فوك ....
لكن لا فُضَّ فم من يقولها من بعدك ....
والسلام,,,,,
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[13 - 01 - 2007, 02:39 م]ـ
نعم لا فض فوك رؤبه
جزيت خيراً إن شاء الله ولكني اريد أن أسالك
لعلك تلاحظ في شعر المتنبي العزه والكبرياء
حتى انه إذا اراد وصف أي شئ ذكر نفسه ومدحها
ما السبب في ذلك؟؟؟
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[13 - 01 - 2007, 05:05 م]ـ
نعم لا فض فوك رؤبه
جزيت خيراً إن شاء الله ولكني اريد أن أسالك
لعلك تلاحظ في شعر المتنبي العزه والكبرياء
حتى انه إذا اراد وصف أي شئ ذكر نفسه ومدحها
ما السبب في ذلك؟؟؟
قال بعض النقاد أنه - المتنبي - كان مصاباً بما يعرف بجنون العظمة ..
وأظنّ أنه رأى نفسه بما آتاه الله من موهبةٍ شاعريةٍ يفوق أهل زمانه بها فتعالى عليهم وبذخ بأنفه على أهل عصره ..
ولا تنسى أنه كان طامعاً في الملك والرياسة لأنه يراها أهلاً له ..
فجاب الأصقاع و الفدافد فما زادته الدنيا على العدم ...
والله أعلم ..
شكر الله لك أخي الحارث على مرورك وبوورك فيك ...
والسلام,,,
¥