تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كيف تتعرف شخصية الفرد من شعره؟]

ـ[نرجسة]ــــــــ[29 - 01 - 2007, 03:05 م]ـ

الشعر يكشف لنا نفسية الشاعر المريضة

يمر الشاعر بحالات من اليأس والقنوط تدفعه إلى التعبير عن سخطه على واقعه المرير بما يخطه قلمه شعرا أو نثرا وبما أن الشعر أمتع للنفس وأخف من قراءة النثر فإنه أخذ حيزا كبيرا في حياة الشعوب، ومن خلاله يستشف القاريء نفسية صاحبه، وبعض الناس ممن حباهم الله حسا فنيا يعرفون اسم الشاعر بعد سماعهم أبياته ولو لم يذكر اسمه لاسيما إذا كان شاعرا فحلا ذا عاطفة جياشه ومعان صادقه، والنفس عادة لاتحب قراءة الشعر المتسم بالغموض أو الركاكة ولعل شاعرا مجيدا مثل أ بو الطيب المتنبي الذي فاق الشعراء في عصره حتى تغنت بشعره الركبان، وحسده الكثير على روائعه الشعرية التي خلدت ذكره مع أنه وكما يقول عنه علماء النفس: مصاب بمرض البرنويا (جنون العظمة) وعلى الرغم من ذلك بزالأولين والأخرين بجودة شعرة وجلال نظمه 0

هناك شاعر آخر من قلب نجد ومن قرية صغيرة تسمى مرات ظهرت عبقرية هذا الشاعروهو حمد الحجي – رحمه الله- الذي قال عنه الدكتور/ محمد بن سعد بن حسين، في كتابه الأدب الحديث في نجد: بأنه يشبه طرفة بن العبد، من الشعراء القدامى، في أصالة شعرة ويشبه الشابي من الشعراء المحدثين، في رقة أسلوبه، ولكن القدر عاجله فتوفي في سن مبكرة بعدما أصابه مرض عقلي هو (الشزفرينيا) وشعره يصور واقعه المرير وتناقضات الحياة وفقره المدقع على ما حباه الله من عبقرية فذةإلا أن ضغوط الحياة لم تدعه يتلذذ بحياته، ويخرج لنا شعرا اصيلا حرمنا منه بفقده، ومن خلال شعره تدرك نفسية الشاعر التعيسة ونظرته التشاؤمية للحياة إقرأ معي هذه الأبيات لتدرك صدق ما اقول:

لاأرى حمرة الورود ويدمي 00شوكها انملي كبعض الحراب

إن تغنت حمائم ملت عنها 0000 ثم أرهفت مسمعي للغراب

وفي موضع آخر قال:

أأبقى على مر الجديدين في جوى 000 ويسعد أقوام وهم نظرائي

ألست أخاهم قد فطرنا سوية؟ 00000 فكيف أتاني في الحياة شقائي

يسيرون في درب الحياة ضواحكا000 على حين دمعي ابتل منه ردائي

أرى خلقهم مثلي وخلقي مثلهم 000 فما قصرت بي همتي وذكائي

إن الشاعر يرى أنه ذكي وهو كذلك ولكنه لم ينل منزلة رفيعة كغيره مع أن غيره أقل منه ذكاء، فهو يعيش في صراع نفسي أمام هذا التناقض الذي قلب حياته إلى بؤس وتعاسه وشقاء 0

وهناك شاعرة أخرى تتمنى الشيب على الشباب، وهذه نظرة تشاؤمية فلا احد يحب الشيب، ولكن ظروفها التعيسة حملتها على تفضيل الشيب على الشبا ب لعلها تجد في الشيب ما يعوضها عن الشقاء الذي تعيشه في شبابها وهي حيلة دفاعية للهروب من الواقع المرير، اقرأ معي هذه الأبيات لإعتدال الذكر الله:

شبابي لاأرى فيه سرورا000 بشيبي ربما تزهو منايا

فتحلوعندها أيام دهري0000 وتحلو عندها كل المنايا

هنيئا لي بشيبي لابشبابي000 ويا أهلافخذ مني صبايا

المرجع كتاب /دراسات جمالية نصية في الشعر السعودي الجديد ص 141تأليف /د0عبدالله خلف العساف 0

ومن هنا تلاحظ أخي القاريء أن الشاعر يطبع نفسه وأحاسيسه وحياته في طيات أبياته ونظمه، وتستطيع ان تعرف حياة الشاعر من خلال شعره والظروف التي يعيشها، فالمصاب بالإكتئاب مثلا تلحظ ذلك من خلال تعبيراته وحزنه وألمه ورغبته في التخلص من الحياة إلى عالم آخر ربما يكون أفضل من حياته الحالية والمصاب بالبرنويا تلحظ ذلك في شعره وقوله عندما يقول أنه أفضل من سعت به قدم فهو يفضل نفسه على البشر جميعا حتى رسول البرية محمد- صلى الله عليه وسلم-، وانا رأيي ومن خلال قراءتي لبعض الشعراء والأدباء أن المختص في الدراسات النفسية عليه أن يكتسب الحس الفني عندما يقرأ للمريض بعض ما يكتب شعرا ونثرا أن يدرك معاناة المريض من خلال شعرة أو نثرة إلى جانب الأساليب الأخرى التي يستخدمها في تشخيص الأمراض النفسية كالمقابلة والإختبارات النفسية والملاحظه والسيرة الذاتية 0

قبل أن أختم حديثي لابأس من ذكر بيتين للشاعرة:إعتدال الذكر الله التي تصف فيها حالتها اليائسة فتستعذب الألم والبؤس: فهي شخصية (مازوخية) والمازوخي مريض نفسي وهو الذي يستعذب الألم، إنظر لها عندما تقول:

فيا قلبي ألا فانزف دماء 000 وياعيني ألا فابكي ونوحي

على ظلمي على بؤسي وعجزي

ودمعا دافئا صبي ونوحي

وقولها أيضا:

أيها البلبل غرد000واطرب الروح الحزينة

أيها البلبل ردد000لحن آلامي الدفينة

هكذا يصف الشاعر مشاعره في خلوته فإن كان سعيدا ظهر ذلك في شعره وإن كان شقيا ظهرا ايضا ذلك في شعره اونظمه، فكم في هذه الحياة من شقي ولكنه لايستطيع ان يعبر عما في نفسه لأنه ليس بشاعر ولكن الشعر ليس وحد وسيلة التعبير عن المشاعر بل هناك اساليب أخرى كالرسم والموسيقى وتدخل كلها مع الشعر والنثر ضمن شجرة الفن، والله الموفق إلى سبيل الرشاد000

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير