[. ((من روائع المراثي -مرثية"أعشى باهلة" في أخيه المنتشر)) ..]
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[24 - 02 - 2007, 07:04 م]ـ
:::
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعلى آله وأصحابه ألي النصرة والوفا:
- قال الإمام المبرد عليه رحمة الله ورضوانه:
(كانت العرب تقدّم مراثي وتفضّلها وترى قائلها بها فوق كل مؤبّنٍ
وكأنّهم يرون ما بعدها من المراثي منها أُخِذَت وفي كنفها تصلح.
فمنها قصيدة أعشى باهلة ويكنى أبا قحافة التي يرثي بها المنتشر بن وهب الباهلي وكان أحد رِجلي العرب وهم السعاة السابقون في سعيهم.)
بهذه المقدمة أبدا عرضي لهذه القصيدة الرائعة التي انتقاها
الإمام الأصمعي رحمه الله في اختياراته والقرشي في جمهرته والإمام
المبرد ذكر بعضها في كامله
قصيدةٌ تعد من عيون الشعر بمختلف أزمنته وعصوره ..
وجمال هذه المرثية يكمن في جمال الخصال والخلال التي أحلها شاعرنا
على أخيه المنتشر بن وهب والذي قتلته بنو الحارث بن كعب ثأراً بأحد فرسانهم ويدعى العنبري بن صلاءة قتله المنتشر بصورة تليق وقِتْلَةَ الجاهلية حيث قطّعه أنملةً أنملةً!!
طالباً منه أن يفادي نفسه فكان الجزاء من جنس العمل حيث سقط في أيدي
بني الحارث - وهم من هم - عن طريقة خيانة تعرضها المنتشر من أبناء عمومته في النسب القيسي
بني نفيل بن عمرو بن كلاب فأرشدوا بلحارث عليه فأمسكوه وهو معتمرٌ
لذي الخلصة - بيت كانت تحجّه قبائل خثعم ودوس وأهل اليمن وسيعبد في آخر الزمان كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم-
ففعلوا به فعله بأخيهم العنبري بن صلاءة الحارثي فأصبح بُضَعَاً عضين ..
ورغم ظلم وجرم أخيه القتيل إلا أنَّ الحلل التي سجّى جثمان أخيه
بها جعلت سامع أبياته ومتذوّقها يسقّي أخيه غيث الغمام
ويردد: فاذهب فلا يبعدنك الله منتشرُ
رغم أنه من الله بعيد ..
والآن أتركّم و القصيدة:
قال أبو قحافة بن وهب الباهلي المشهور "بأعشى باهلة"
يرثي أخاه المنتشر:
1 - قد جاء من علِ أخبارٌ أنبؤها
........................ إليَّ لا عجبٌ منها ولا سخَرُ
2 - فظلت مرتفقاً للنجم أرقبُهُ
....................... حرّان مكتئباً لو ينفع الحذَرُ
3 - فجاشت النفس لما جاء جمعهم
...................... وراكبٌ جاء من تثليث معتمرُ
4 - يسعى إلى الناس لا يلوي على أحدٍ
...................... حتى التقينا وكانت دوننا مُضَرُ
5 - إنَّ الذي جئت من تثليث تندبُهُ
..................... منه السَّمَاحُ ومنه النهْيُ والغِيَرُ
6 - نعيت من لا تغبُّ الحيَّ جفنَتُهُ
................... إذا الكواكبُ أخطا نوءَها القَمَرُ
7 - وراحت الشول مغبّراً مباءتها
.................. شُعْثاً تغيَّرَ منها النيُّ والوَبَرُ
8 - وأجحرَ الكلبَ موضوعُ الصقيعِ بِهِ
.................. وألجأ الحيَّ من تنفاحِهِ الحُجَرُ
9 - عليه أول زاد القوم إن نزلوا
.................. ثمَّ المطيَّ إذا ما أرملوا جزَرُوا
10 - لا تأمنُ البازل الكوماء ضربَتَهُ
................. بالمشرفيِّ إذا ما اخروَّط السَفَرُ
11 - وتفزع الشَوْلُ منه حين يفجؤها
................ حتى تقطَّعَ في أعناقها الجِرَرُ
12 - لم تُرَ أرضٌ ولم يسمع بها أحدٌ
................ ألا بها من نوادي وقْعِهِ أثَرُ
13 - وليس فيه إذا استنظرته عَجَلٌ
............... وليس فيه إذا ياسرتَهُ عسَرُ
13 - إمّا يصبك عدوٌّ في مناوأةٍ
............... يوماً فقد كنتَ تستعلي وتنتصرُ
14 - من ليس في خيره شرٌّ يكدِّرُهُ
.............. على الصديق ولا في صفوِهِ كَدَرُ
15 - أخو حروبٍ ومكسابٌ إذا عدموا
............... وفي المحافل منه الجِدُّ والحَذَرُ
16 - أخو مواهب يعطيها ويُسْأَلُها
............... يأبى الظلامة منه النوفل الزُفَرُ
17 - لا يغمز الساق من أينٍ ومن وَصَبٍ
............... ولا يعضُّ على شرسوفه الصَّفَرُ
18 - لا يتأرى لما في القدر يرقبُهُ
............... ولا يزال أمام القوم يقتفرُ
19 - طاوي المصير على العزَّاء منصلتٌ
............... بالقوم ليلة لا ماءٌ ولا شَجَرُ
20 - مهفهفٌ أهضم الكشحين منخرقٌ
............... عنه القميص لسير الليل محتقرُ
21 - لا يُصعب الأمر إلا ريث يركبُهُ
................ وكلُّ أمرٍ سوى الفحشاءَ يأتمرُ
22 - لا يأمن الناس ممساه ومصبَحَهُ
............... من كل فجٍّ إذا لم يَغْزُ يُنتَظَرُ
¥