من أجل (رؤبة) ... حُبُّ المتنبي لأخت سيف الدولة (خولة)
ـ[متعصب للمتنبي]ــــــــ[12 - 02 - 2007, 07:45 ص]ـ
الصلاة و السلام على سيدنا محمد وعلى آله و أزواجه الطاهرات و على صحابته الكرام
طلب مني أخي (رؤبة) أن أذكر ما كتبه العلامة (محمود محمد شاكر) في حب المتنبي لأخت سيف الدولة في كتابه (المتنبي ... رسالة في الطريق إلى ثقافتنا) و لن أرد طلبه ليس لأنه عضو في هذا المنتدى فحسب أو شخص أحببته و لكن لأنه (رؤبة بن العجاج).
أخواني و أخواتي:
هذا باب كامل نقلته لكم بالتمام و الكمال من صفحة (333) إلى (355) , فأرجو منكم قراءتها بتمعن و بقلب متفرغ صادق , و رجائي هذا لسببين:
الأول: هو الكم العلمي الموجود في هذه الورقات من شيخنا العلامة , فهو ليس كلاماً يكتب أو مداداً يُجَرّ , بل لو قرأتم ما قرأته في مقدمة هذا الكتاب في كيفية وصول الشيخ إلى منهجه هذا لما استقللتم الدقائق في قراءة هذه الورقات أو الساعات في قراءة الكتاب.
الثاني: حب الخير لكم , أريد منكم أن تستمتعوا و تستلذوا مع فن قراءة ما بين السطور , فهو فن لا يجيده إلا النوابغ وهم للأسف قلة.
بسم الله أبدأ ..............
المصدر:
الكتاب: (المتنبي .. رسالة في الطريق إلى ثقافتنا).
المؤلف: (الدكتور محمود محمد شاكر).
الناشر: (مطبعة المدني) و (دار المدني بجدة).
تاريخ الطبعة: (1407 هـ -1987م).
(سنة 337 - 346) حبُّه "خولة" أخت سيف الدولة.
لعينيك ما يلقى الفؤاد و ما لقي ..... و للحب ما لم يبق مني وما بقي
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر , فهو الدهر يرجو و يتقي
سقى الله أيام الصِّبا ما يسرها ... و يفعل فعل البابلي المعتَّق
إذا ما لبست الدهر مستمتعاً به ... تخرقت و الملبوس لم يتخرق
\ ....... قد رأيت قبل أن الحوافز التي اجتمعت على أبي الطيب من أول أمره إلى عهد اتصاله بسيف الدولة , إنما كان ترفُّقا من القدر و تمهيداً للنبوغ الفذ الذي صار به صاحبنا شاعر العرب و لسان العربية الذي استحكم في عصره , و ضرب بحكمته على من كان قبله , ومن أتى بعده. و قد ذكرنا من أداة نبوغه و أسبابه ما تيسر لنا جمعه في هذه الكلمة , إذ كانت الأشياء مرهونة بأوقاتها من المعاني و منازلها من الكلام.
و رأيت أن اتصاله بسف الدولة نقل قلب الرجل من منزلة إلى أخرى , نقله من منزلة الإحساس الشخصي الموحد , إلى منزلة الإحساس الشخصي المتولج في الاجتماع المزاحم في سياسته , المؤمِّلِ في سيف الدولة رد السلطان إلى العرب و العربية , بعد الغلبة و الظفر و تحقيق الأماني. وكان هذا سبباً في انتفاض قلب (الرجل الشاعر) بالفرح المستولي عليه , الغالب على عواطفه. ثم أيضاً ما استنبطناه مما سبَّبَ في هذا القلب أسباباً للألم الحزن والأنين و البكاء و الحسرة فصار التنازع في هذا القلب بين الفرحة الغالبة و الحسرة المتمكنة , سبباً في استخراج مكنوناته , وتوليد المعاني الجديدة من الصراع الهائل الذي كان فيه. و بذلك خرج أبو الطيب عن طوره الأول المحدود بحدِّه , إلى الطور الثاني المتفاسح المترامي إلى كل غايات الحياة و أسبابها وما يكون فيها وما يكون منها.
وكان هذا الرجل الشاعر إنما يعتمد في توليد معاني شعره على استيعاب ما بنفسه من الأفراح و الآلام , ما تقادم منها وما جدّ , ثم الاستغراق في تأمل هذه الذخائر التي في نفسه وردّ بعضها إلى بعض , و ربط الغائب منها بالشاهد , و عطف الأول منها على الآخر , و كأنما كانت تتراءى لعينيه حوادث قلبه وحوادث دهره , و تتردّد في سمعه أصوات قلبه موصولة بأصوات الناس و كلامهم ما قلّ منها وما عظم. وكان هذا الاستغراق في تأمل ما بنفسه , هو أحد الأسرار العظيمة في تصوير شاعريته , وتسويتها و تنشئتها و تغذيتها و تنميتها إلى الغاية التي هي عليها في شعره.
¥